الخميس, نوفمبر 7, 2024
الرئيسيةمقالاتفشل مفاوضات جنيف قبل انعقادها. محدودية رؤى الوسطاء والأطراف (٤)

فشل مفاوضات جنيف قبل انعقادها. محدودية رؤى الوسطاء والأطراف (٤)

فشل مفاوضات جنيف قبل انعقادها.محدودية رؤى الوسطاء والأطراف (٤) .

بقلم : الصادق علي حسن.

فشل مفاوضات

سأتناول في هذا المقال مظاهر من حالة اللادولة السودانية ومن الأطراف الجديدة في الأزمة السودانية (البدو) وتأثيرات الأطراف على أي إتفاقية يمكن أن توقع برعاية الولايات المتحدة أو غيرها في حال عدم مشاركتها.

السودان الآن فقد أهم خاصية من خصائص الدولة المستقلة وركن من أركان الدولة الثلاثة (السيادة) وصارت الدولة بلا سيادة حقيقة، ولا توجد بها جهة وأحدة تحتكر العنف، كذلك بمثلما تعددت الأطراف الداخلية صارت هنالك عدة أطراف خارجية وأساسية في تحديد مصير مستقبل الدولة السودانية، ولم يعد في الأفق هنالك من ضمان للحفاظ على مستقبل البلاد سوى دور الشعب بتعدد وتنوع مكوناته المدنية والإجتماعية ، وحيثما ظهرت قيادة ملهمة من الأجيال الجديدة وتمكنت من مخاطبة الشعب السوداني بفلسفة وخطاب مغاير للخطابات السياسية البالية وحددت مكامن المخاطر المحدقة بالبلاد وبرز صوت الشعب السوداني الحاسم سيُغلق الشعب السوداني وحده منافذ مشروعات التشظي والتقسيم ورهن مصير البلاد للخارج .
أطراف الحرب الحالية :
القيادة السياسية للجيش (القائد الأعلى للجيش البرهان / الكباشي / العطا / إبراهيم جابر) وحلفاؤها .
قوات الدعم السريع وحلفاؤها.
البدو.
أطراف هامة :
الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبد العزيز الحلو.
حركة جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد النور.
البدو (المعادلة الجديدة في الأزمة السودانية) .
منذ سنوات قلائل مضت قمت بدراسة بحثية حول التغيرات السياسية في دول حزام الغرب الأفريقي وأشارت هذه الدراسات والبحوث بأن السياسة الفرنسية المطبقة بدول الغرب الأفريقي ستعجل بالخروج القسري لدولة فرنسا من هذه الدول والمنطقة ، كما وسيصبح استخدام البدو في المنافسة على السلطة أوالوصول إليها بهذه الدول عاملا من عوامل عدم الاستقرار في دول الغرب الأفريقي جميعها والسودان، سأتناول من البحث المذكور وبصورة عامة وفي حدود الغرض من هذا المقال ملامح من دور البدو .
البدو بحزام الغرب الأفريقي :
مجموعات البدو بالحزام الممتد من سواحل دول الغرب الأفريقي مرورا بالسودان ووصولا إلى دولة جيبوتي مجموعات بشرية كبيرة ظلت تتجول لعدة حقب زمنية في هذا الحزام ومناطق أخرى في أفريقيا بحرية تامة وبلا أي قيود ولم تجد الاهتمام الإنساني من حكومات وأنظمة الدول ، وظلت حياة هؤلاء البدو قاصرة على التنقل والترحال وأمتلاك الإبل المواشي كهدف يكاد يكون القاسم المشترك بينهم، وظل البدو يتوارثون حياة الرعي والتنقل والذين أستقروا منهم في أطراف المدن والقرى والفرقان بدول الحزام الأفريقي والسودان نتيجة لافتقارهم لأدوات حياة التنقل والبداوة التي تعتمد على القوة البدنية وأمتلاك المال (الإبل والماشية) . لم تهتم الأمم المتحدة في ظل الدولة الحديثة بأوضاع البدو وسبل استقرارهم كما ولم تهتم حكومات الدول الوطنية بهم وقد تكون أول جهة بصورة منظمة نشطت في محاولات استغلال البدو في الأنشطة السياسية وفي محاولات أحداث التغيير الممنهج في الأنظمة ببلدان أفريقيا منظمة الدعوة الإسلامية والوكالة الإسلامية الأفريقية للاغاثة ، ومن خلال غطاء الدعوة قامت الحركة الإسلامية في السودان وحزب المؤتمر الوطني بالمشاركة في تغيير أو محاولات تغيير العديد من أنظمة الدول الأفريقية ومن نماذج محاولات التغيير ما حدث في دولة أفريقيا الوسطى برعاية حزب المؤتمر الوطني ومنظومة الحركة الإسلامية السودانية لحركة سيليكا في دولة أفريقيا الوسطي والتي تكونت في عام ٢٠١٢م من مجموعة مسلحة غالبيتها من المسلمين وتمردت على رئيس أفريقيا الوسطى فرانسوا بوزيزي وتمكنت من الاستيلاء على السلطة في بانغي في ٢٢/ مارس/٢٠١٣م بقيادة زعيمها ميشال جوتوديا ولكنه أجبر على الاستقالة في ديسمبر ٢٠١٣م إثر التدخل الفرنسي وفي ظل الفترة القصيرة لسيليكا في الحكم شهدت دولة أفريقيا الوسطى إرتكاب مجازر على أسس عرقية ودينية ما بين المسلمين والمسيحيين وكان من خطط ودبر انقلاب سيليكا كما وقام بمتابعة تنفيذه من داخل مدينة بانغي عاصمة دولة أفريقيا الوسطى ومن إحدى مقار مراكز الدعوة الإسلامية قيادي من قيادات حزب المؤتمر الوطني من أبناء ولاية جنوب دارفور وكان وزيرا إتحاديا في عهد نظام البشير ، كما وظهر في معية قيادة انقلاب سيليكا بأفريقيا الوسطى أشخاص من مدينة نيالا كانوا يعملون بالتجارة ومهن أخرى من المحسوبين على حزب المؤتمر الوطني ، لقد كان من نتائج انقلاب سيليكا ونظام حكمه الذي لم يستمر طويلا موجه من خطاب الكراهية تجاه العرب والمسلمين ببانغي وحصدت منظمة الدعوة الإسلامية التي مولت انقلاب سيليكا العديد من الصور والمشاهد البشعة لمسلمين يتم قتلهم في شوارع بانغي بعد اجبار زعيم سيليكا الرئيس ميشال جو توديا على الاستقالة وصارت المنظمة المذكورة تنشرها ضمن خطاباتها عن استهداف المسلمين حول العالم وتسقطب بها الاعانات .
إبن زايد وبدو الحزام الأفريقي :
الباحث في حياة بدو دول الحزام الأفريقي يجدهم من أوائل ضحايا الحرمان من التعليم والخدمات ووسائل الاستقرار في كافة الدول بغرب أفريقيا ولم تكن هنالك خطط لاستقرارهم في أي دولة من الدول التي ينتمون إليها أو يعبرونها بحثا عن الكلا والمياه ، وظلوا مجرد أرقام انتخابية في مواسم الإنتخابات أو بنادق مسلحة في محاولات تغيير الأنظمة ، هنالك العديد من البدو منذ عهد البشير صاروا من ادوات استخدام السلطة وحزب المؤتمر الوطني والحفاظ عليها لدى البشير وحزبه، ومن بعده الشراكة التي كانت قائمة بين البرهان وحميدتي على السلطة، والآن مشروع دولة الإمارات ورئيسها محمد بن زايد بالسودان والغرب الأفريقي وقد لا يحيط بكل دقائق هذا المشروع المتستر عليه حتى قائد الدعم السريع حميدتي نفسه.
حرب اليمن :
وجدت دولتي السعودية والإمارات ضالتيهما في بدو حزام الغرب الأفريقي وسعت الدولتان لاستخدامهم ضمن مهام أخرى في حرب اليمن وبدأ ذلك رسميا في عام ٢٠١٥م حينما أعلن رئيس النظام السوداني عمر البشير انضمام السودان لتحالف عاصفة الحزم وصدر عن الجيش السوداني بيانا في مارس ٢٠١٥م جاء فيه بأن مشاركة الجيش تأتي من منطلق المسؤولية الإسلامية لحماية أراضي الحرمين الشريفين والدين والعقيدة ، وبصدور قانون الدعم السريع في ٢٠١٧م كان البشير وإخوانه وكبار مساعديه يجدون في مظلة الدعم السريع الغطاء الرحب لتفويج آلاف من الجنود والحصول على عمولات السمسرة خارج نظم القوات المسلحة، وفي نوفمبر عام ٢٠١٩م صرح نائب رئيس مجلس السيادة قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو بأن مشاركة الجنود السودانيين باليمن بلغ (٣٠ الفا) وأن غالبيتهم من منسوبي قوات الدعم السريع.
طموحات الرئيس الإماراتي محمد بن زايد :
صارت للرئيس الإماراتي محمد بن زايد طموحات كبيرة في ليبيا والسودان والغرب الأفريقي وقد صار مدخله لتحقيق طموحاته استخدام البدو بمثلما فعل في تعزيز قدرات قوات حليفه خليفة حفتر بليبيا ، وليس بالضرورة أن يكون ذلك من خلال الدعم السريع ، فدولة الإمارات صارت لديها أزرع عديدة بالحزام الأفريقي كما وصارت تتمدد في مساحات النفوذ الفرنسي التي باتت تتضاءل كثيرا بدول الحزام.
معالجة أوضاع البدو :
بالضرورة على الأمم المتحدة والدول المعنية بما فيها السودان عقب انتهاء الحرب ان تبحث لتجد الحلول الناجعة لاستقرار البدو ، وأن لا تنظر إليهم النظرة المحصورة في المشاركة في الحروبات وتغيير الأنظمة بل حالة تواجدهم في الدولة والدول المعنية في أطر النظم والقوانين الوطنية ومن دون المساس بأي إجراءات جنائية منسوبة لمن يقوم منهم بارتكاب جرائم جنائية في أي منطقة ومن دون اخلال بقواعد ونظم المواطنة بحيث يكون منسوب أي دولة مقيدا بنظمها وقانونها واحترام نظم وقوانين الدول الأخرى. هنا أتحدث عن ظاهرة صارت مرتبطة بالأمن والسلامة العامة في كل دول الحزام الأفريقي والسودان وضرورة النظرة الاستراتيجية لها في هذه البلدان التي تمتاز بالهشاشة في التكوين كالحالة السودانية .
محاولات اجراء المفاوضات القائمة كلها بما فيها الأمريكية تُجرى على أساس سيطرة البرهان على الجيش ومن يقومون بموالاته في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش، والأمر ليس كذلك، كذلك على أساس أن حميدتي يمتلك السيطرة على كل من يتواجدون في المناطق الخاضعة لسيطرته بما فيهم كل العرب البدو أو إمكانية السيطرة عليهم بمجرد التوصل لاتفاق بوقف اطلاق النار مثلا ولكن الواقع على الأرض يؤكد خلاف ذلك بوجود العديد من المجموعات المسلحة التي صارت لها قيادتها المستقلة وقد استفادت من حالة السيولة وتمددت في ظل غياب أجهزة الدولة على الأرض، الراجح بروز شخصيات قيادية جديدة وسط مجموعات البدو المسلحة وغيرها خاصة في دارفور حيثما وقع حميدتي أو غيره على اي اتفاق ووجدت هذه المجموعات انها لم تنل شيئا مما تم الاتفاق عليه، وبالتالي تعمل كل مجموعة سواء من البدو أو غيرها في بعض مناطق الصراعات بمرجعية الرمزية القبلية فتنزلق هذه الصراعات إلى الطوابع الأهلية كما حدث في الجنينة والحصار الحالي لمدينة الفاشر – نواصل.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات