الثلاثاء, نوفمبر 12, 2024
الرئيسيةمقالاتتضارب واضطراب في خطاب قائد الدعم السريع (٣) .

تضارب واضطراب في خطاب قائد الدعم السريع (٣) .

تضارب واضطراب في خطاب قائد الدعم السريع (٣) .

بقلم : الصادق علي حسن.

تضارب واضطراب

رسائل حميدتي لكل لأطراف المعنية :

حميدتي في تجربته القصيرة (نسبيا) والتي بدأت ببروز إسمه ببعض مناطق دارفور المتأثرة بالصراعات المسلحة بعد تخليه عن قائده السابق موسى هلال قائد قوات حرس الحدود وإعلانه تأسيس حركة مسلحة بشمال مدينة نيالا يقودها وأطلق عليها الجندي المظلوم أظهر ثقته بنفسه وقد صار في سنوات قلائل الأعظم تأثيرا على الدولة ومستقبلها ، لقد ظل حميدتي يتقدم على من هم حوله من مجموعات مسلحة وعسكريين ومدنيين بخطى كانت متسارعة في السنوات الأخيرة الخمس من عهد البشير حتى أصدر المخلوع البشير ونظامه قانون قوات الدعم السريع في عام ٢٠١٧م وبموجب أحكام ذلك القانون صار لحميدتي جيشه الخاص ومقار ورواتب ونثريات تدفع من الخزينة العامة للدولة تعادل ضعف رواتب منسوبي الجيش كما كان حميدتي بالقانون يمنح الرتب الرفيعة لمنسوبي جيشه وصارت له علاقات خارجية ومشاركات في الحروب الخارجية بمقابل مالي يدفع له مباشرة لحماية أنظمة حاكمة في دول الخليج ، حميدتي ظاهرة استثنائية وقد تمكن رجل البادية وتاجر الأبل (كما يصف نفسه) ، وهو الذي لم يتلق دراسات أكاديمية أو عسكرية من تطويع قادة الجيش من أصحاب الرتب الرفيعة والدورات والشهادات العسكرية والنياشين وقيادتهم عسكريا وسياسيا ، لذلك حديث حميدتي في خطابه الأخير عن عدم الخبرة ليس في مكانه الصحيح، ففي فترته القصيرة نسبيا أكتسب حميدتي خبرات معتبرة حتى أن أصحاب الخبرات الطويلة من عسكريين وسياسيين في عهد البشير سنوا له قانون قوات الدعم السريع ودافعوا عنه داخل برلمانهم وخارجه كما لم يدافعوا عن أي شيء آخر وكان كافيا أن يشير حميدتي بأصبعه لمن يعارضه بالرأي أو يتحفظ على سن قانون خاص لقواته أو ممارساته ليتم القبض عليه واعتقاله حتى ولو كان ذلك المستهدف بالإجراء في سن ووضع الإمام الصادق المهدي الذي تم الزج به في سجن كوبر ببحري وفتحت في مواجهته البلاغات الجنائية بموجب مواد الجرائم الموجهة ضد الدولة والتي تصل عقوبتها للإعدام ومصادرة الممتلكات نتيجة إبداء تحفظه على قانون الدعم السريع وخرجت نساء حركة الإسلام السياسي على رأسهن سناء حمد لكيل المديح والثناء على حميدتي وجيشه وإطلاق السباب وتجريم الإمام الصادق المهدي ودمغه بالخيانة والعمالة وعلى كل من يتحدثون عن حميدتي وينتقدونه وينتقدون قواته وهم (المؤتمنون على النساء في حجورهم) كما قالت سناء حمد . قبيل اندلاع الحرب الدائرة كانت رئيسة تحرير صحيفة الحراك السياسي الأستاذة رقية الزاكي وزميلها الصحفي أحمد قسم السيد يخضعان لإجراءات بلاغ جنائي أمام نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة بسبب نشر خبر مصدره ضابط بجهاز الأمن طلب من الصحيفة عدم ذكر إسمه والخبر أن جهاز الأمن طلب من حميدتي تسليم إحدى مقاره (إعادته لجهاز الأمن )، فتم فتح بلاغ جنائي في مواجهة رئيس التحرير والصحفي أحمد قسم السيد لدى نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة بدلا عن نيابة جرائم المعلوماتية المختصة وأعتبرت النيابة العامة الموجهة ذلك الخبر جريمة من جرائم تقويض أمن الدولة وتمت إحالة البلاغ إلى المحكمة وكانت أولى جلساتها في الأسبوع الذي نشبت فيها الحرب. لقد أخفق حميدتي في تحقيق بعض طموحاته التي وصلت لأعلى سقوفاتها وليس كلها وقد دخل في هذه الحرب سواء أن كان هو من بدأها أو حليفه السابق البرهان بتقديرات هما يعلمانها معا ولم تكن الحرب من أجل ديمقراطية كما يزعم هو أو من أجل الكرامة كما يزعم حليفه السابق البرهان . لقد وجه حميدتي رسائل في خطابه الأخير وقد حظي ذلك الخطاب بإهتمام داخلي وخارجي كبير وكل من استمع لذلك الخطاب تلقاه برؤيته ، وقد كثرت الكتابات والتعليقات حول تقييم ذلك الخطاب وذهبت غالبيتها حول إقرار حميدتي بالهزيمة والفشل وبداية الإستسلام وقد لا يكون ذلك الأمر كذلك ، لقد تحدث حميدتي عن هزيمة جنوده بسلاح الطيران المصري في جبل موية ودعا جنوده للثبات ومواصلة القتال كما وشملت رسائله كل الأطراف الداخلية والخارجية المعنية والرأي العام السوداني ومن الرسائل الهامة التي وجهها لحاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي وفي سياق حديثه ذكر أن هنالك مفاوضات جرت مع مناوي بشأن الحرب قبل اندلاعها وكأنه كان يريد أن يستنطق مناوي بشأن ما تم من نقاش في طي الكتمان وعرض للتحالف بينهما رغبه في تذكيره وعما يجمعهما مما وصفه بالمجتمع الواحد والمصير المشترك ليرد عليه مناوي بصورة مستعجلة وبمعلومات مذهلة للمراقب، كشف فيها أنه بالفعل جرت محادثات بينهما وعلى مستوى كفيل حميدتي (وقصد بذلك ضمنا الإمارات) وأنه عرضت عليه مبالغ ضخمة وليست قريشات بورتسودان ، والمعروف أن بورتسودان ظلت تدفع في حالات الأستقطاب ملايين الدولارات مما يعني أن كفيل حميدتي عرض مبالغ طائلة لمناوي وأضاف مناوي بأن العرض تضمن أقتسام حاميات دارفور وأن يظل مناوي حاكما لدارفور بسلطات أوسع، ما لا يدركه مناوي أنه أعطى الرأي العام والمراقبين معلومات خطيرة وقد أكد من خلال ما ذكره من عرض قدمه كفيل حميدتي مدى علمه بدور كفيل حميدتي، فما الذي منعه من إطلاع الرأي العام بذلك الدور وبنتائجه وقد ظل في موقفه المعلن بالحياد لأكثر من عشرة أشهر منذ نشوب الحرب في ١٥ أبريل ٢٠٢٣م حتى أعلان فك موقف الحيادي في الأسبوع الأخير من شهر مارس ٢٠٢٤م ، فإذا كانت مبررات مناوي متماسكة أليس كان ما ذكره كافيا ليعلن موقفه بدخول الحرب منذ وقت ان عرض عليه كفيل حميدتي مبالغ طائلة لشراء موقفه
هذه الحرب العبثية لم تقم فجاءة ولن تتوقف في سنة أو سنتين أو ثلاث كما ذكر حميدتي ولكن الأهم الآن الوعي وادراك أسبابها الحقيقية ، فالحرب القائمة بين أطرافها دوافعها الواضحة المصالح الذاتية سواء من جانب حميدتي وأعوانه أم جانب البرهان وشركاؤه وهذا ما ورد في ثنايا رسالة حميدتي لمناوي ، لقد صارت أطراف الحرب مطايا لأجندات خارجية، وقد صارت حياة الإنسان مجرد رقما من الأرقام في الوسائط، ليس هنالك من مدخل سليم لمستقبل أفضل سوى بتمليك الأجيال المتعاقبة الحقائق ، حتى لا يأتي عقب الحرب المدمرة من يحمل الشعارات و الفواتير ويزايد بها .

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات