الإثنين, ديسمبر 2, 2024
الرئيسيةاخبار سياسيةفرنسا تصدّ اليمن المتطرّف: قراءة في المفاجأة وتداعياتها

فرنسا تصدّ اليمن المتطرّف: قراءة في المفاجأة وتداعياتها

تقدير موقف؛ مركز تقدم للسياسات

فرنسا تصدّ اليمن المتطرّف. تقديم: على نحو مفاجئ لم تتوقعه كل استطلاعات الرأي كشفت نتائج الانتخابات التشريعية الفرنسية، في دورتها الثانية التي جرت في 7 يوليو 2024، عن فشل تحالف اليمين المتطرّف في تصدّر النتائج، وبالتالي انتهت طموحاته التي توقّعتها استطلاعات رأي سابقة لتشكيل حكومة جديدة. والمفاجأة أن تحالف اليسار هو الذي تصدّر النتائج ونال أغلبية نسبية في أعقاب تمكّنه من إنهاء تشتّته والمحافظة على تحالف حساس. غير أن الانتخابات أظهرت برلمانا منقسما إلى 3 تحالفات لا يملك أي منها أغلبية مريحة تمكنه من تشكيل الحكومة. فكيف ستُحكم فرنسا؟

قراءة الحدث تستدعي تأمل الملاحظات التالية :فرنسا تصدّ اليمن المتطرّف

-تمّ حلّ البرلمان السابق والدعوة إلى انتخابات مبكّرة من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل عقب تصدّر اليمين المتطرّف صدارة الانتخابات الأوروبية في فرنسا التي جرت في 9 يونيو .

-على الرغم من دعوة ماكرون وجلّ التيارات السياسية إلى تشكيل “جبهة جمهورية” من اليمين والوسط واليسار لصدّ اليمين المتطرّف من الوصول إلى السلطة، تمكّن اليمين المتطرّف من تصدر نتائج الدورة الأولى من الانتخابات التي جرت في 30 يونيو.

-خلال الأسبوع الفاصل بين الدورتين، وبسبب جهود من قبل تحالف اليسار وتحالف ماكرون بالانسحاب المتبادل والتصويت لأي مرشح منافس لمرشح اليمين المتطرّف، تراجعت الاستطلاعات وتوقّعت عدم فوز اليمين المتطرّف بالأغلبية المطلقة بل بأغلبية نسبية تبقيه متصدّرا المشهد وتبقيه المرشح الأفضل، بالتحالف مع آخرين، بتشكيل حكومة برئاسة رئيس حزب “التجمع الوطني” الذي يقوده جوردان بارديلا.

على نحو مخالف لكافة الاستطلاعات أظهرت النتائج (غير الرسمية) المشهد التالي:

  • تصدّر تحالف اليسار النتائج بحصوله على 181 مقعدا (من أجمالي 577 مقعدا في “الجمعية الوطنية”).
  • جاء تحالف ماكرون ثانيا بحصوله على 165 مقعداً.
  • جاء تحالف اليمين المتطرّف ثالثا بحصوله على 143 مقعداً

-غداة الدورة الأولى من الانتخابات توقّعت استطلاعات الرأي فوز اليمين المتطرّف في الدورة الثانية بحصّة نسبية تصل إلى 270 مقعدا (الأغلبية المطلقة تحتاج إلى 289 مقعدا). ما يعني أن نتائج الدورة الثانية جاءت صاعقة ومخيبة لآمال عقدها الحزب الذي تتزعمه مارين لوبن التي تمنّ النفس بانتخابها رئيسة للبلاد في انتخابات عام 2027.

-على الرغم من مطالبة قادة تحالف اليسار رئيس الجمهورية بتكليفه تشكيل حكومة يسارية، فإن أسبابا متعدّدة قد تحول دون ذلك منها:

  • لم يحصل التحالف على الأغلبية المطلقة وأرقامه (181) بعيدة عن رقم الأغلبية المطلقة (289).
  • على الرغم من تلميحات جان لوك ميلنشان، زعيم اليسار الراديكالي، بطموحه لرئاسة الحكومة، غير أن الرجل لا يحظى بإجماع داخل التحالف وهو شخصية غير مرغوبة من باقي المكوّنات السياسية.
  • بسبب رصيده النسبي ورفض بعض المكوّنات السياسية يمينا الائتلاف مع اليسار سيكون من الصعب على تحالف اليسار تشكيل حكومة يسارية.
  • إذا أمكن اتفاق تحالف اليسار على شخصية لرئاسة الحكومة (من الحزب الاشتراكي أو الخضر مثلا)، فإن تشكيل حكومة ائتلاف مع الوسط الماكروني ومكوّنات أخرى ستحتاج إلى توافقات تُفقد الحكومة كثيرا من يساريتها.

-طالما أن حزب اليمين الديغولي (الجمهوريون) الذي نال 66 مقعداً وتحالف ماكرون يرفضان أي تحالف مع اليمين المتطرّف، فإن اليمين المتطرّف سيكون بعيدا من أي ائتلاف حكومي محتمل.

-بالمقابل فإن كل التحالفات لا تحظى بالأغلبية المطلقة ويستطيع البرلمان اسقاط أية تحالفات قد يمكن تدبيرها، إلا إذا حظيت بتوافق وصفقة كبرى تؤمنان ديمومتها وفق برنامج حكومي تسووي.

-لا تعرف التقاليد السياسية الفرنسية الحكومات الائتلافية المتعدّدة على منوال ما يحصل في بلدان أوروبية أخرى، ما سيجعل عملية تشكيل الحكومة التي عادة ما تشكّل خلال 48 ساعة تمرينا جديدا وعملية معقّدة قد تستغرق أشهرا.

-رغم نتائجه، فإن حزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرّف يتصدّر، كحزب لوحده، رصيد كافة الأحزاب متفرقة. فقد زاد عدد مقاعده من 89 مقعدا إلى 143 مقعدا. كما أن هذا الحزب قد حصل على أكثر من 9 ملايين صوتا ما يفرض أخذ جمهور الحزب بعين الاعتبار.

-رغم محاولة هذا الحزب إقناع الفرنسيين أنه حزب كبقية الأحزاب، فإن فرنسا (على منوال انتخابات عام 2002 الرئاسية التي هُزم فيها جان ماري لوبن، زعيم اليمين المتطرّف التاريخي، أمام جاك شيراك، وعلى منوال انتخابات عامي 2017 و 2022 التي هُزمت فيهما مارين لوبن أمام إيمانويل ماكرون) ما زالت تعتبر هذا الحزب متطرّفا فاشيا عنصريا، ما يجعل “الجبهة الجمهورية” أداة دائمة الفعالية لمنعه من السيطرة على السلطة.

خلاصة

**استطاعت فرنسا، مرة أخرى، ومن خلال تفعيل “الجبة الجمهورية” من اليمين والوسط واليسار، من صدّ محاولة اليمين المتطرّف من تسلّم السلطة من خلال تشكيل الحكومة الجديدة.

**تصدّر تحالف اليسار نتائج الانتخابات بنيله أغلبية نسبية ستحول دون تشكّل حكومة يسارية خالصة.

**تراجعت حصّة تحالف ماكرون من 245 مقعدا إلى 165 مقعّدا ما سيضعف سلطته وشرعيته.

**أظهرت نتائج الانتخابات مشهدا برلمانيا منقسما سيجبر الأحزاب السياسية، على نقيض التقاليد الفرنسية، على المحاولة بصعوبة بتشكيل ائتلاف متعدّد وقد يكون متناقضا.

**رغم تراجع الحزب اليميني المتطرّف إلى المرتبة الثالثة لكنه أول حزب في عدد المقاعد فيما بقية الأحزاب تتفوّق عليه بتحالفاتها.

**إذا فشلت الأحزاب في الاتفاق، فإن ماكرون قد يلجأ إلى تشكيل حكومة تقنية لكنها مع ذلك قد لا تحظى بثقة البرلمان.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات