الأحد, يوليو 13, 2025
الرئيسيةمقالات  محمد صالح عبدالله يس يكتب: العميد سليمان محمد الحسين الشريف (...

  محمد صالح عبدالله يس يكتب: العميد سليمان محمد الحسين الشريف ( وداعا )

  محمد صالح عبدالله يس يكتب: العميد سليمان محمد الحسين الشريف ( وداعا )

ولئن كانت هذه الأيام التي نعيشها أيام كرب وبلاء فقد حكي الأخ والعم سليمان كيف عاش ويلات الحرب فهو لم يغادر بيته في ضاحية المنشية فتعرض للاهانة والعذاب ونهبت داره وفقد مقتنيات عزيزة لن تعوض ولئن الحرب لا جنس لها لأنها خارج التجنيس والتوصيف لا حجم للحرب سوى أنها الحرب هي كائن بشع تشيع الخراب والدمار والموت الزؤام أينما حلّت وحيثما حطت رحلها
كنتُ قد تحدّثتُ معه قبل أسبوعٍ آخر بالظبط قبل عشرة أيام عبر الهاتف بعد انقطاعٍ بيننا امتدّ لأكثر من عشرين عامًا. آخر لقاء لي معه في مكتب متابعة ولاية شمال دارفور بالمقرن لم أكن أظنّ ولا خطر ببالي أن تلك المكالمة الودودة ستكون آخر العهد بصوته وضحكته وكلماته المطمئنة حدثني انه بصدد كتابة مذكراته حتي يعرف الناس عامة وأهل امكدادة خاصة عن تاريخهم الجميل
حدثته بعيون الطفولة عندما رأيت شقيقه الأكبر المرحوم التجاني محمد الحسين وكيف يمدح الرسول صلي عليه وسلم وخاصة عندما يردد ( مدحة السراي يا السراي الجافو النوم وعقدو الراي ) تحدثنا عند جدنا المؤذن ( دقو ) وكيف ان آذانه يشق عنان السماء في شهقة الفجر عندما يقول حي علي الصلاة وضحكنا كثيرا في مارية محمد الحسين التي كانت تنادي حبوبة ( ام نياق) بطريقة بنات المدارس الحديثة تحدثنا عن حامد محمد الحسين وحبه للمرح ورقصة التوستي وكيف كانت اناقة الأستاذ عبدالرحمن محمد الحسين فقد كانت سياحة حقيقية واسترجاع ملامح زمن تسرب من بين أيدينا ولن يعود
حدثني انه فقد تلفونه في هذه الحرب وانقطع تواصله مع الناس ولم يتبقي له وسيلة للاتصال غير الفيس بوك
وطلب مني تلفون الأخ كمال الصادق لأنه ضاع منه وفقد الاتصال به
لقد كان رحمه الله مثالًا للرجل العصامي الذي صنع مجده بيديه، وبنى اسمه بعرق جبينه وإيمانه بأن الحياة لا تعطي إلا من يجتهد ويصبر. بدأ مسيرته في دروب التعليم، معلّمًا بمدينة امكدادة الأولية يزرع الحرف في عقول الأجيال ويشكّل بذور الأمل في نفوس الصغار كان معلما مميزا ذو طموحات عظيمة عمل هو والأستاذ محمد احمد بدين والأستاذ البروفيسور احمد الطيب في مدرسة امكدادة وامتحنوا الثلاثة للجامعة فدرس الاقتصاد ثم حملته الأيام إلى عالم البنوك والمال فدخل موظفًا بسيطًا وما هي إلا سنوات من الجدّ والأمانة والإخلاص حتى صار من مديري البنوك الناجحين الموثوقين يُشهد له بالحكمة وحسن الإدارة ونظافة اليد فتولي إدارة بنك النيلين وكان من مؤسيسيه الاوائل
وما إن بلغ سنّ التقاعد حتى أبت همّته أن تستريح فشقّ لنفسه دربًا جديدًا في عالم الأعمال، حتى صار من كبار رجال الأعمال المعروفين في السودان ومعروف عن اسرة الـ الشريف أنهم من انجح رجال الأعمال في السودان منذ جدهم الكبير الشريف ادم
الأستاذ سليمان عرف بحسن السمعةوالنزاهة وسط رجال الأعمال دخل سوق المقاولات واستطاع ان يخلد اسمه بإنجازات رائعة منها جامعة الرباط ومستشفي الشرطة ببري وكثيرة هي إنجازاته يعجز القلم عن ذكرها الان
واليوم وقد خلا كرسيّه ورحل إلى دار الخلود يظلّ حضوره حيًّا في القلوب وذكراه شاهدةً على أن العطاء لا يقاس بطول العمر بل بسموّ الأثر
آهٍ لحسرة المكان وللوحشة التي خلّفها غيابه
اللهم ارحمه رحمةً واسعة واغفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر وأكرم نزله ووسّع مدخله،ونقّه من الذنوب والخطايا كما يُنقّى الثوب الأبيض من الدنس.
اللهم ألهمنا وأهله وأحبابه الصبر والسلوان وخلّد ذكره في الصالحين واجمعنا به في مستقرّ رحمتك يا أرحم الراحمين تعازينا لال الشريف داخل السودان وخارجه وانا لله وانا اليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات