الجميل الفاضل يكتب :عين علي الحرب لقد أتلفتم أعصاب الجبال، يا هؤلاء؟!
أعترف أن قلبي لا يقوي، وأن عيناي الغائرتان تهربان علي ضعفهما، من شاشة هاتفي الذي تواطأ ضدي مع قتلة أوباش، يتبارون ليل نهار في نقل صور فظيعة جدا الي دماغي الصغير، الذي كاد أن ينفجر من هول ما يري يوميا.
لا أدري هل ما يجري في السودان الآن، هو حرب كسائر الحروب الأخري التي دأبنا نراها علي شاشات التلفزة، الشغوفة والمغرمة، بنقل كوارث الحروب ومآسي الشعوب، الي مخادعنا وغرف نومنا، لكي تختبر صبرنا أو ربما ضمائرنا البالية، او حتي لتطير فرص النوم الضئيلة المتبقية من علي محاجرنا المرهقة.
بيد أني من هول ما أري، أكاد لا أصدق، بأن من أراهم يشحذون المدي لذبح ضحاياهم كالخراف، أو من هم يفلقون “بسواطير كبيرة” رؤوس قتلاهم الي نصفين أو أكثر، قبل أن يحرقون ما تبقي من أشلائهم التي مزقها موازرا وابل من الرصاص.
الواقع أن “الإخوان المسلمين” في السودان، قد بلغوا شأوا بعيدا، ليس في قتل وإبادة الناس، في دارفور أو في جنوب السودان، والمنطقتين المجاورتين له، جبال النوبة والنيل الأزرق، والشرق والشمال، في مجازر ومذابح إمتدت لنحو ثلاثة عقود ونصف، بل أتصور ان هذا العقل الإخواني الجهنمي، قد تفوق هذه المرة علي كل سوء الظن العريض تماما، بما أنتجه من صور ومظاهر للتلذذ بالقتل من شأنها أن تتلف أعصاب حتي الجبال، لو أن للجبال أعصابا.
علي أية حال يبدو من واقع التجربة، أن الدين عند “الأخوان المسلمين”، هو “العنف”، فمن بزهم بعنف زائد، قد تفوق عليهم في “إخوانيته”، لا محالة.
وللحقيقة فإن دين “الإخوان” هو بالضبط معكوس دين الإسلام الذي نعرفه، ذلك الإسلام الذي لخصه الفقيه إبن القيم بقوله: “الدين كله خلق، فمن فاقك في الخلق، فقد فاقك في الدين”.
ذلك هو الدين الذي مدح رب الناس، نبي الإسلام لأجله، بوصف جامع، قائلا: “وإنك لعلي خلق عظيم”.
وهو الدين الذي لخص النبي الكريم (ص) مهمته فيه، بقوله: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”.
فما هي علاقة هؤلاء الذين تراهم في مقاطع الفيديو، قد إزدادوا حماسا، كلما شمروا عن ساعد للقتل ذبحا أو حرقا، أو بغير ذلك من أساليب قتل تفتقت عنها العبقرية الإخوانية، التي أبدعت صنوفا شتي من صيغ القتل غير الرحيم.
يزعمون بها تقربا الي الله زلفي، تقربا، يرفع قتلاهم الي الجنة، ويرمي بقتلي غيرهم في النار.
فيما يرسم رسول الإسلام (ص) خارطة مضيئة للطريق الي الجنة، قائلا: ما من شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق، وإن أكثر ما يدخل الناس الجنة، هو أيضا تقوي الله، وهو كذلك حسن الخلق.