نساء السودان والحرب: سنواجه وضعًا كابوسيًا.
كتب.. حسين سعد
تحمل الأنباء ومواقع التواصل الاجتماعي على رأس كل ساعة مشاهد مؤلمة عن معاناة الشعب السوداني مع حرب ١٥ أبريل ٢٠٢٣م بين القوات المسلحة والدعم السريع. هذا السيل من الأخبار لا يتوقف دقيقة واحدة
لكن أكثر الفواجع هو واقع حال المرأة السودانية التي مازالت تسدد فاتورة باهظة بسبب الحرب اللعينة فمعاناة النساء في بلادي، فردية وجماعية، فلا تكاد توجد امرأة في السودان لاسيما مناطق النزاع السابقة والحالية لم تفقد فرداً أو أكثر من عائلتها، بمن فيهم أطفالها، والناجيات لا يملكن رفاهية الحداد على أزواجهن او أولادهن وأحياناً كثيرة لا يجدن طريقة لدفنهم.
فمعاناة النساء تتحدّى إنسانية العالم كله، وفي قلب هذه المعاناة
تطالع احينا بعض المناشدات الرقيقة والخجولة من بعض الزملاء والزميلات الصحفيين والصحفيات الذين فقدوا مصدر دخلهم ولجوء الي مهن أخرى بعضهم خبر أسرار تلك المهن الطارئة ومن بين هؤلاء كان كاتب المقال مزارعا بالجزيرة لكن آخرين لفظتهم مهنهم الجديدة لعدم مقدرتهم عليها لاسيما الأعمال الشاقة التي شحت ونضبت تماما بسبب الحرب. وعقب الرحيل الداوي مؤخرا للزميلة الصحفية هدي حامد، عضوة نقابة الصحفيين السودانيين التي حدثت وفاتها بوم الأحد، الثاني من يونيو 2024م بمستشفى البان الجديد بمحلية شرق النيل. وعملت الراحلة في عدة صحف ورقية ومواقع إلكترونية، وكانت مؤمنة بقيمة الصحافة لمجتمعها.
وقبل رحيل الزميلة هدي كانت
قد كتبت مناشدة.. قالت فيها
اصدقائي الفزعة..
هدي حامد صحافية اضطرتها الظروف والأمل والتفاؤل للبقاء في الخرطوم المنكوبة بالحرب وديمومتها لأكثر من عام وذلك بسبب الظروف المادية وتفاؤلا بوقف هذه الحرب. وأضافت
أرجو دعمي للخروج حيث أجد مصدر دخل يقيني الحاجة بحثا عن مستقبل بتي الوحيدة، حيث أقيم هنا دون مال أو عمل أو خدمة مياه وكهرباء وانترنت إلا عن طريق الواي فاي الساعة بثلاثة الف.
اضطررت لمناشدتكم بعد الله تعالي لمساعدتي ودعمي..
وجزاكم الله خيرا
والله في عون العبد ما دام العبد في عون اخيه..
نعم رحلت هدي ونحن إذا ننعيك
لا نوفيك حقك، ننعى أنفسنا برحيلك الأليم والعبرة تخنق حناجرنا، ولن نكتب ما يعبر عن فقدك الجلل ومصابنا الأليم
لكننا نعاهدك بأننا سوف نكتب بمداد من الدموع عن معاناة الشعب السوداني لاسيما النساء والأطفال ونعكس فصول تلك المشاهد القاسية من آثار الرصاص والدانات والقصف بالطائرات والمسيرات والبحث عن جرعة مياه صحية او دواء او لقمة عيش تسد رمق الجوع الذي صار يجول في الطرقات والاحياء لم تعد هناك كلمات لوصف ما يجري من كارثة انسانية ومنع إيصال الغذاء واستخدام النساء كسلاح فهي حرب لا تقل خطورة عن القتل والتدمير، وغياب أي مقومات أو الحد الادنى من بقاء الناس على قيد الحياة. ما نعيشه لا يصدق من إبادة وتجويع للناس بشكل متعمد.
نساء السودان والحرب والفارين من هدير المدافع والرصاص
كل ذلك مستمر يوميا والحرب دخلت عامها الثاني، وتزداد أوضاع النازحين واللاجئين والفارين من هدير المدافع والرصاص كارثية ضمن ظروف غير إنسانية، تعقدت ظروف معيشتهم، يوما بعد يوم وها هو فصل الخريف على الابواب والمخاوف من انتشار الأوبئة والأمراض، إذ إن الظروف داخل الأحياء بالعاصمة والمدن الأخرى ومراكز الإيواء والمناطق المحيطة بها غير صحّية على الإطلاق في وقت يهدد شبح المجاعة بحسب وكالات تابعة للأمم المتحدة الجمعة الماضي التي قالت أن الشعب السوداني يواجه “خطر مجاعة وشيكًا”،
وشدّد بيان مشترك صادر عن مسؤولين بالأمم المتحدة منهم المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، على أن نحو 18 مليون شخص يعانون بالفعل من الجوع الحاد، بما في ذلك 3.6 ملايين طفل يعانون من سوء التغذية الحاد.
وأضاف البيان: “الوقت ينفد أمام ملايين الأشخاص في السودان الذين يواجهون خطر المجاعة الوشيك ونزحوا من أراضيهم ويعيشون تحت القصف وانقطعت عنهم المساعدات الإنسانية”. وأوضح البيان الذي وقعه أيضًا مسؤول المساعدات الإنسانية بالأمم المتحدة مارتن غريفيث: “دون تغيير فوري وكبير، سنواجه وضعًا كابوسيًا. مجاعة ستنتشر في أجزاء كبيرة من البلاد”.
وأشار مستشار الأمم المتحدة الخاص المعني بمنع الإبادة الجماعية الأسبوع الماضي إلى وجود خطر وقوع إبادة جماعية في أجزاء من دارفور.
وقال تقرير تدعمه الأمم المتحدة في مارس الماضي، أن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات فورية “لمنع سقوط قتلى على نطاق واسع وانهيار تام لسبل العيش وتجنب أزمة جوع كارثية في السودان”.
وذكر تقرير تدعمه الأمم المتحدة في مارس أن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات فورية “لمنع سقوط قتلى على نطاق واسع وانهيار تام لسبل العيش وتجنب أزمة جوع كارثية في السودان”.
وفي المقابل أكد تقرير التصنيف المرحلي انه “دون وقف فوري للأعمال القتالية ونشر كبير للمساعدات الإنسانية فإن سكان ولايتي الخرطوم والجزيرة ودارفور الكبرى وكردفان الكبرى، مهددون بالوصول إلى أسوأ مستويات انعدام الأمن الغذائي الحاد وسوء التغذية خلال موسم الجفاف المقبل الذي بدأ أبريل الماضي.
ويقدر التصنيف المرحلي المتكامل أن ما يقرب من خمسة ملايين شخص يعانون من سوء التغذية الحاد، منهم 3.6 مليون طفل دون سن الخامسة و1.2 مليون امرأة حامل ومرضعة.
وتشير تقديراته إلى أن إنتاج الحبوب كان أقل بنسبة 46 بالمئة عن العام السابق بسبب القتال في مناطق إنتاج المحاصيل الأساسية خلال ذروة موسم الحصاد، مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية في الأسواق بنسبة 73 بالمئة عما كانت عليه في نفس الفترة من العام الماضي. وكانت الأمم المتحدة قد قدرت عدد النازحين داخليا في السودان نحو سبعة مليون شخص بجانب اثنين مليون لاجئ خارج البلاد.