الجمعة, سبتمبر 20, 2024
الرئيسيةمقالاتمحمد صالح عبد الله يس يكتب : الفنان ابراهيم محمد ابراهيم جاذبية...

محمد صالح عبد الله يس يكتب : الفنان ابراهيم محمد ابراهيم جاذبية عبير الأمكنة

محمد صالح عبد الله يس يكتب : الفنان ابراهيم محمد ابراهيم جاذبية عبير الأمكنة

محمد صالح عبدالله يس

رحل الفنان والملحن والموسيقار ابراهيم جاذبية من هذه الفانية نكاية فينا وفي اصدقائه الذين تنكروا له وتركوه وحده في غرفة مظلمة يبحث عن بابها ليخرج حتي اصحاء النظر لم يستطيعوا الخروج منها الا  بصعوبة بالغة فما بالك وهو من جنس بن مكتوم رحل جاذبية وترك تحياته وذكرياته علي بوابة المجمع الثقافي الذي  غاب عنه زواره امثال الخليل قمر الدين وقاسم الفكي ومعاوية الشريف ودكتور معتز الطيب ومحمد الامين التجاني وعلام حسن سالم ودكتور مالك ابكر  وعبد الرحمن عنقال ودكتور يوسف سليمان منتج  مسرحية مركوب الفكي رحل وترك الموسيقار علي احمداي يدندن الفاشر يابلدي

رحل جاذبية وفي قلبه التياع للفاشر واهلها ما كان يتوقع يوما ان تعصف به الاقدار وتحمله رياحها الي درك سحيق وتلفظه  في يم الغربة والتنائي وتبعده عن مرتع صباه وحارة انسه خرج مثل الطريد لم يودع  خلا ولا صديقا ترك كل شيء حتي عوده الذي صنع به مجده ترك أوتاره مشدودة وريشته تنتظر مداعبة أصابعه التي طالما الفته وآلفته كان لسانه يردد وبصوت خفيض الفاشر يا بلدي

خرج من الفاشر علي حين غفلة تحاصر اذنيه صوت السماء تقول له اخرج فان القوم يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين كان هذا النداء زاده في سفر الخروج والتيه في رحلة مجهولة الامد كان احد أعمدة الغناء في دار فور فكم أطربنا واشجانا بالحانة الطروبة وموسيقاه العذبة الرشيقة ولم تغب شمس ذاك اليوم   في عين فبراير الحمئة حتي اناخ راحلته في ارض لم يعرفها اشبه بشعب ابو الطيب الذي اضحي بتلكؤها غريب الوجه واليد واللسان نزل من راحلته وكان ممسكا بيد احد ابناءه وهو يهمس بصوته الدافئ يا حلاة مسرح ظبانا وذكرياتنا ومشتهانا حبس دمعته واخرج من صدرة زفرةٍ حري وضرب برجله الارض فعرف انها ارض طينية تشبه اراضي الجزيرة او سنار فانه قد عاش في هذه الجغرافية التي تشبه بخت الرضا الذي درس وتخرج منها وما كان يدور بخلده انها محطته الاخيرة وان بيته الاخير ولحده سيكون هنا

بدا جاذبية تجربته الفنية منذ دخوله المدرسة الاولية فقد كان طالبا مسكون بحب الفن رغم وصف اقرانه له بانه كان طالبا خجولا ومهذبا ومنطويا لكنه كان متقد الذكاء يلتقط العبارات والكلمات من افواه المتحدثين سيما بعض المعلمين الذين يستلطفهم ويستمتع بمدارستهم له فقد حفظ منهم الاناشيد وجيد القصائد وبفضل جهود بعض المعلمين خرج من دائرة الانطواء واصبح يشارك في الجمعية الادبية واحيانا يقوم بتلحين بعض القصائد فظهرت امكاناته الصوتية وقدراته ومهاراته في اداء المنلوجات والاغاني المحلية التي تغنيها البنات في الاعراس والمناسبات المحلية حتي تطورت كسوباته واصبح يشار اليه كمبدع له مستقبل واعد ولم يمل عامه الرابع بالمدرسة حتي اعترف به اقرانه واصحابه كفنان موهوب واصبح يشارك في المناسبات الكبيرة ثم دخل المرحلة الوسطي التي تستوي فيها عوده وبدا يتعلم العزف علي الربابة ثم انتقل الي العود وبدا يغني ويردد اغنيات المطربين الكبار وفي حفل حفيل بمدرسة الفاشر الاهلية قدم فاصلا غنائيا كاملا فكان ذلك هو اول اعتراف به كفنان واعد ينتظر منه الكثير

كانت محطته التي استوي به عوده واكتمل نضوجه في معهد اعداد المعلمين الذي من ضمن مناهجه تدريس الموسيقي فصار احد اهم اعضاء نادي المسرح والموسيقي بالمعهد وقد استهوته الة العود التي برع  في عزفه  وصار من اشهر العوادين بالمعهد انقضي العام الاول بالمسرح وعاد جاذبية الي الفاشر ومعه عود مزخرف اقتناه من مدخور مصروفه الشهري وفي اول يوم وصل الي الفاشر غادر منزلهم مباشرة واتجه الي نادي دارفور حيث مقر فرقة فنون والتقي بكبار عمالقة الفرقة التي كان يتراسها الاستاذ بشر سعيد وامينها العام حمزة خلف وتعرف علي حسن محمد صالح وبقية اعضاء الفرقة وانضم الي العمل معهم لعمل بعض البروفات وقد اعجب به مسوقيو الفرقه واصبح عضوا بالغرفة يمارس حرفة العزف ويمتهن مهنة الغناء ودخل جاذبية الي عالم الفن كاول طالب لم يكمل دراسته بعد وشارك في مناسبات كبيرة في المدينة واصبح اسمه يتردد بين مجالس شباب الفاشر وحسناواتها

انجب جاذبية في مسيرته الفنية من الألحان ذكرانا وإناث وشي بها ديوان الغناء في فرقة فنون دارفور  وطرز بها مخامل وجداننا وعظام عاطفتنا كان فنانا مميزا متخصصا في توزيع هرمونات السعادة والفرح عاصر عمالقة شعراء الاغنية السودانية الذين حلو بالفاشر وغني لهم كانت امسياته في حي الخير خنقا مع مبارك المغربي الذي غني له حب الاديم قبل ان يعتقلها بن البادية واستمتع اهل الفاشر بها زمنا قبل ان تستقر في وجدان بن البادية

جاذبية كان متخصصا في اداء جيد القصايد والالحان ومتعهد كبير يحترف مهنة صناعةالجمال وبناء اعشاش  السعادة كان ينتقي منها الاطايب فاهداه الرائد ابو قرون  رائعته الجميلة قطعة سكر التي لحنها الموسيقار علي احمداي وغناها جاذبية في احدي مناسبات الفاشر الاجتماعية واصبحت مثل السلام الجمهوري تفتتح بها جلسات الطرب والانس وبعد ان قضي منها اهل الفاشر وطرا  آلت الي نجم الدين الفاضل ولبنات الفاشر ذكريات وحكايات مع قطعة سكر والغانية التي كتبت فيها الاغنية فانا اعرفها ومازالت علي قيد الحياة فرغم مرور كل هذا الزمن الا ان ملامحها رغم الثمانين حجة مازالت تحمل نداوة وحلاوة ذلك الزمن الجميل

مات جاذبية مرتين مرة عندما فارق الفاشر مرتع انسة وصباه ومات الميته الثانية في بالقرب من القضارف  وضمت رفاته في سبخة لم يألفها جسده ليجاور جرتلي والنور عثمان ابكر وحسان ابوعاقلة وميرغني ديشاب رحل جاذبية وترك ذكرياته في قلب كل اهل دارفور ترك في مناديل حسان الفاشر الاشارات والعبارات والجمل الموغلة في حب الحياة رحل وترك حقيبة ذكريات مترعة بالجمال و بالعاطفة والشجن تلامس وجداننا وارواحنا غني جاذبية لكبار الفنانين السودانيين فقادهم واجا تقليدهم كان معجبا بإبراهيم عوض اختار من خرزوه اغنية نفسك ابية وليك جاذبية غناها بنادي الفاشر وبحضور الاستاذ ابراهيم عوض ومن ذلك اليوم اطلق عليه اهل الفاشر لقب جاذبية التي ارتبط به حتي لقي ربه كان يقلد ابراهيم عوض في كل شيء في ملبسه. ومظهره حتى في تسريحة شعره ولم يشاهد طوال حياته الا بهندام كامل وزي متكامل

غادرنا جاذبية دفعة واحده وترك تحياته في قلب كل من عرفه غادرنا مثل السودان الذي هو الاخر غادرنا خلسة على دفعات ولن يعود الا بعد ان يتأكد من صحة قراره ومن الصعب عودته

ماذا يفعل فينا الغياب أصبحنا في هذه الايام البائسة نعتاد الغياب والرحيل..

استاذ جاذبية رافقتك السلامة وتعازينا لأهل الفاشر ولمبدعي دارفور ولمحبي وعشاق فنك الراقي انا لله وانا اليه راجعون لك الرحمة وابشر بطول خراب يا قلبي فالكل سيصل الي حوض المنايا رغم وئيد عجلانها وداعا جاذبية قارورة عطرنا التي نفذت ولكن رغم نفاذها فللعطر افتضاح

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات