4/30/2022 5:10:48 PM
حتى لا تغرق الساحة في صراعات طواحين الهواء، وحفلات الهياج السياسية، والمزايدات والاتهامات بين ناشطي القوى السياسية المختلفة ، يجب ضبطها بالحقائق لا غير، وبالوضوح في المواقف، والتعبير عنها بلا "دغمسة"، والتفاف، مثلما يحدث الأن، ليتم تصوير الأمر كان هناك جهات ترفض وحدة قوى الثورة، بينما الحقيقة الساطعة أن هناك اختلافا وخلافا حقيقيا في النظر للثورة والتغيير، والطريق الذي يجب أن تمضي فيه، بين معسكر الحرية والتغيير من جهة، وبين الشارع ولجان مقاومته والقوى الثورية والسياسية التي تتبنى طرحه من الجهة الأخرى. والحقائق المجردة تقول إن تحالف الحرية والتغيير قد اتخذ قرارا استراتيجيا، أعلن عنه القيادي بالتحالف ابراهيم الشيخ في حوار صحفي بتاريخ ١٥ ابريل بقبول مبدأ الحل السياسي التفاوضي عبر المبادرة الأممية المدعومة إفريقياً، وحدد قبولهم الحوار بأربعة شروط؛ واطلاق سراح المعتقلين السياسيين. إلغاء حالة الطوارئ . وقف العنف ضد المتظاهرين السلميين. ٤. تشكيل لجنة تحقيق لمحاكمة مرتكبي الانتهاكات والقتل بحق الشباب السلميين. وتلا حديث ابراهيم الشيخ بيان صادر من المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير حمل ذات التأكيد بقبول الحل السياسي، وقدم اضاءات حول الحل السياسي الذي يريدون؛ - الحل السياسي الذي نريده هو الذي يحقق مطالب الثورة في إنهاء انقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١م وإقامة سُلطة مدنيّة كاملة، ويفتح المجال لإنجاز عملية البناء الوطني التي تحقق مطالب الجماهير، في العدالة والسلام والديمقراطية والتنمية المستدامة. - نحن ضد تدخل قوات الشعب المسلحة في السياسة، وضد الانقلابات العسكرية بشكل قاطع، والحل الذي نسعى إليه قائم على مبدأ الجيش الواحد المهني، الذي يعكس التنوع السوداني، وينهي تعدد الجيوش ويُصلح القطاع العسكري والأمني، وفي ذلك تكمن مصلحة السودان والقوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى. ومن المعلوم أن الحل السياسي التفاوضي الذي تتبناه المبادرة الأممية والأفريقية يقوم على دعامتين؛ - الأولى؛ هي الحوار بين العسكر والمدنيين (وهذه لا تشمل قوى الثورة لوحدها) للتوصل لصيغة لقيام الحكم المدني. - والثانية؛ هي التعبير عن رغبة المجتمع الدولي الذي يدعم المبادرة بشدة، والذي يدعو لانتقال الحكم للمدنيين مع صيغة لوجود العسكريين لحفظ التوازن الداخلي. • ومن المهم هنا الإشارة الى أن هذه الاعلانات تلاها مباشرة تسريبات عن الفريق برهان بتوجيه النائب العام بمراجعة اوضاع المعتقلين والافراج عنهم، وقد خرجت بالفعل مجموعات منهم معتقلي لجنة تفكيك التمكين، ومجموعة من معتقلي لجان المقاومة، كما حمل التسريب اخبارا عن رفع حالة الطوارئ فيما عدا ما يتعلق بالاجراءات الاقتصادية، مع تبدل خطاب برهان وفق ما نسمع ونشاهد. • إذن.. هذه الضجة الكبرى المثارة حول توحيد قوى الثورة، تأتي في سياق حشد مختلف القوى لتعزيز الموقف السياسي لقوى الحرية والتغيير، هذا الموقف الذي يريد الدخول في عملية التفاوض على رأس كتلة مدنية موحدة، باعتبار أن تلك هي نقطة الضعف التي يشير لها جميع المبعوثين الذين يلتقيهم قادة التحالف. • لقد اتخذت الحرية والتغيير قرارا استراتيجيا وكبيرا، بعدما نأت بنفسها عن اللاءات الثلاثة للشارع التي تبنتها عقب انقلاب ٢٥ اكتوبر، وبالتأكيد يحق لها كتحالف أن تتخذ ما تراه من مواقف، ولكن هناك اسئلة تساهم أجاباتها في ترشيد هذه الحملات؛ - هل توصلت لقرارها ذلك عبر تشاور مع مختلف القوى الثورية والسياسية، التي تتوقع منها ان تنخرط في جبهة ثورية واحدة معها لمواجهة الانقلاب؟ - وهل تتصور ان القوى التي ترفع اللاءات الثلاثة، وترفض الحوار مع الانقلابيين والاعتراف بشرعيتهم واي درجة للشراكة معهم، ستقبل ان تكون جزء من تحالف يسعي للحوار والتسوية السياسية؟ - وكيف حدث هذا التحول الكبير من تبني التحالف للاءات الثلاثة عقب الانقلاب الى قبول الحوار والحل السياسي..؟ • والان نسأل وبوضوح؛ ما الذي تتوهم قوى الحرية والتغيير تحقيقه، وهي في وضعها الراهن من الضعف والتفكك بعدما تقسمت كتلها لمجموعات، جزء منها شريك في الانقلاب، والاخر مساند له، وجزء ثالث مناهض له، وفي ظل رفض الشعب لها، وللتماهي مع خطابها وطرحها السياسي، وما اعترى هذه العلاقة من اشكالات، وقد عجزت عن تحقيقه يوم أن كانت متماسكة وتضم كل اطراف الملعب السياسي من اقصى اليمين لأقصى اليسار، وتحظى بدعم وإسناد جماهيري واقليمي ودولي لم يتحقق لغيرها في تاريخنا الحديث..؟ • وبعد.. وفي تقديري أن قوى الحرية والتغيير تعاني من ضعف الحس السياسي والثوري، وفقدان القدرة حتى لمعرفة اللحظة الأنسب للحوار والتفاوض، وهي بلا شك لحظة انقلاب موازين القوى لمصلحة الجماهير، وحينها لن يكون التفاوض الإ فرضا لإرادتها وانتصارا لها، وقد امتلكنا هذه اللحظة في ابريل ٢٠١٩م، واضاعها ذلك التحالف يومها بكل فصائله، وهو يريد إعادة تكرارها في ظروف مختلفة وهو اكثر ضعفا وانعزالا وتفككا، واستباقا لهذه اللحظة الفارقة.. وقد صدق المفكر كارل ماركس حين قال؛ "التاريخ لا يعيد نفسه الا في شكل ملهاة". • كلمة أخيرة؛ السبب الرئيسي لعدم توحد القوى الثورية وفق رؤية الحرية التغيير، ليس مصدره وجود "خوارج" يستهدفون نسف الدعوة للوحدة كما نعتهم القيادي بالتحالف خالد عمر يوسف، هذا الاختلاف في الرؤية والأهداف والوسائل للثورة والتغيير، بجانب ميراث كبير من الشكوك والخيبات والانتكاسات ، هو المصدر الأساسي للاختلاف والخلاف ، ويجب أن يكون ذلك واضحا ومعلنا، ويناقش علنا وبوضوح، بما ينهي حالة اللف والدوران التي نشهدها. الثورة مستمرة وستنتصر