3/19/2024 1:43:01 PM
المقدمة
مرّت السياسة في تشاد والسودان بتغييرات جذرية في عام 2021. فقد فرضت الاحتجاجات الشعبية العارمة والضغوط الدولية اعتقال عمر البشير في مارس 2019 في الخرطوم. وبعد أشهر من المواجهات مع المدنيين، اتفقت القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي" على صيغة لتقاسم السلطة في أغسطس 2019. وقامت حكومة مدنية بإدارة البلد في العامين التاليين لذلك، في حين مثّل مجلس سيادة بقيادة الجنرالين سلطة الاعتماد. وقد تعددت الخلافات بين أصحاب المصلحة من المدنيين والعسكريين رغم المحاولات الصادقة لشطب أجزاء من الدين الدولي وتطبيع العلاقات مع أبرز الجهات المانحة.
كان انقلاب قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية في أكتوبر 2021 والحرب التي اندلعت في أبريل 2023 بين هاتين القوتين المسلحتين نتيجتين للانتصار غير المكتمل لحركة المقاومة الشعبية (التي كان عليها قبول اتفاق للشراكة في السلطة مع القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع)، وللانقسامات داخل القوى المدنية، والمنافسة المتزايدة بين جيشي الأمر الواقع حول طبيعة النظام الذي ينبغي تشكيله في نهاية المطاف عبر فترة انتقالية مضطربة. ورغم أنه يسهل وصف الحرب الحالية في السودان بأنها معركة من أجل الحياة بين جنرالين، إلا أن الجهات الفاعلة الداخلية الأخرى تؤدي دوراً أساسياً وتؤثر على مسارات الحرب سياسياً وعسكرياً. ومن بين هذه الجهات، ينبغي للمرء أن يعُدّ الإسلاميين وغيرهم من بقايا النظام السابق والجماعات المسلحة المتمركزة في ما يسمى بالهامش التي غالباً ما كان أداؤها من الناحية التكتيكية يصب في صالح القوات المسلحة السودانية ضد قوات الدعم السريع للحصول على موقع أفضل في إقليمها أو على الصعيد الوطني.
ربما كان اتفاق جوبا للسلام الموقع في أكتوبر 2020 بين الجماعات المتمردة والحكومة المدنية بمثابة استجابة لشواغل المانحين أكثر من كونه محاولة صادقة لإتاحة الفرصة لأهل مناطق الهامش للتأثير على النظام الجديد. فالمواجهة بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية التي بدأت في أبريل 2023 تمزق النسيج الاجتماعي للبلد، أبعد من مناطق الحرب بكثير. وقوات الدعم السريع في الأساس منظمة قامت بتجنيد أعداد كبيرة من القبائل العربية في دارفور. لكن ينبغي قراءة هذا الانتماء العرقي بحذر، والابتعاد عن اعتباره القوة الدافعة الرئيسية للمعارك الحالية. ويجب أخذ جوانب أخرى في الاعتبار، بما في ذلك طموحات حميدتي السياسية. وبنفس الطريقة، ينبغي للمرء أن ينظر بحذر إلى القوات المسلحة السودانية، والتحولات الاجتماعية التي حدثت في ظل حكم عمر البشير، وخبرتها العسكرية المزعومة.
شكّل مقتل إدريس ديبي إتنو في أبريل 2021 تحدياً لأسس النظام ذي الطابع الشخصي للغاية الذي كان قائماً في تشاد لثلاثين عام. وبعد ساعات من الارتباك، تولّى محمد، أحد أبنائه، الرئاسة وقاد عملية انتقالية من المقرر أن تنتهي بانتخابات عامة بحلول أكتوبر 2024. ورغم أن النظام الانتقالي يُظهر استمرارية واضحة للماضي، فإن السياسة التشادية تشهد تطوراً متسارعاً. ومع ذلك، قد يشير المنتقدون بحق إلى أن الطبيعة الاستبدادية للنظام وهوية قيادته الزغاوية لم تواجه تحدياً طوال الفترة الانتقالية التي صمّمتها وضبطت وقع خطواتها فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية. وقد اتخذ الرئيس الجديد عدة مبادرات هدفت إلى إظهار اتجاه إصلاحي: فدُعي معارضو الشتات إلى الاستقرار مرة أخرى في تشاد وحصل السياسيون المعارضون على مناصب في النظام الجديد.
إن تطور قاعدة السلطة، أو الكتلة المهيمنة، إذا جاز التعبير، مسألة مثيرة للاهتمام منذ بداية النظام. فإدريس ديبي كان أكثر من مجرد أمير حرب، وحاول بناء قاعدة انتخابية أكبر من مجتمعات المقاتلين الذين حاربو إلى جانبه ضد حسين حبري. باختصار، بنى إدريس ديبي، على الأقل من الناحية العسكرية، تحالفاً من الزغاوة والعرب والتبو والقرعان استمر طوال فتراته الرئاسية. وعلى الجانب المدني، قام ديبي بتوسيع هذه الكتلة تكتيكياً من خلال حشد المزيد من المجموعات "الجنوبية". وبطبيعة الحال، لم تكن لتلك الجماعات والسياسيين الذين يمثلونها نفس الأهمية لحكمه. وعندما ارتفعت عائدات النفط بعد العام 2003، خسر بشكل متزايد العديد من المجتمعات التي لم تحظ بمكانة بارزة في أجهزته العسكرية والأمنية. وحتى عام 2010، أُنفقت معظم الإيرادات لتعزيز الدعم لديبي بين الزغاوة وشراء المعدات العسكرية للقضاء على المعارضة المسلحة. وبعد 2010، اعتقد إدريس ديبي أنه انتصر في الحرب ولم يعد بحاجة إلى بناء التحالف الذي قاده في التسعينيات مرة أخرى. وكان عليه أيضاً إدارة واحتواء النزاعات الداخلية بين مجتمع الزغاوة ومحاسيب زوجته هندا بشأن كيفية تخصيص أموال النفط. ومع ذلك، حافظ على دعم الأعيان المؤثرين المنحدرين من تلك المناطق.
كان التغيير الأكثر أهمية، بعد أبريل 2021، هو تطور قاعدة السلطة التي يستند عليها الرئيس الحالي، التي تُفسح مجالاً أكبر للمجموعات الأخرى التي كانت جزءاً من الكتلة المهيمنة، وإن كان في موقع ثانوي، مثل القرعان. وهذه الديناميكية الجديدة لها آثار على كيفية نظر الزغاوة والعرب في تشاد إلى الأوضاع الداخلية والإقليمية والبحث عن حلفاء.
كان للحرب في السودان، التي بدأت في الخرطوم ثم طالت دارفور في الأسابيع التالية، أثر شبه فوري على الحدود حيث عبرها العديد من المدنيين إلى تشاد، خوفاً من المواجهات الدامية. وقد أصبح هذا البعد الإنساني أكثر أهمية مع مرور الوقت، حيث دفعت المناوشات والمعارك عشرات الآلاف من المدنيين إلى اللجوء إلى تشاد. وعلاوة على ذلك، أدت التطورات العسكرية في دارفور إلى تماهٍ، ما بين متردد ومتحمس، مع الفاعلين العسكريين السودانيين الرئيسيين بين قطاعات من السكان في تشاد. إذ أبدى مجتمع الزغاوة، بشكل عام، وقطاعات كبيرة من الأجهزة العسكرية والأمنية، مخاوف متزايدة بشأن العواقب التي قد يخلفها هذا القتال على أقاربهم في دارفور. وشعر العرب التشاديون، المنقسمون غالبا في الساحة السياسية الداخلية، بالتعاطف أكثر مع قوات الدعم السريع، وعلى نحو متزايد، انتقل العديد ممن يعيشون في شرق تشاد للعمل في إمبراطورية حميدتي، ما يعني، في معظم الحالات، تجنيدهم في جيشه.
تحاول الأقسام التالية من الورقة تلخيص الخطوط العريضة للسياسة التشادية بعد وفاة إدريس ديبي إتنو وكيف يقيّم النظام الجديد الحرب في السودان ودارفور. وكما هي الحال دائماً، تسترشد هذه التصورات بالمخاطر والحوافز المحلية التي تقدمها الجهات الفاعلة الخارجية. وفي كثير من الأحيان، ثمة تباين كبير بين عقلانية التحالفات الداخلية والتحالفات الدولية. وتكمن التحديات المتعلقة ببقاء النظام في هذه الاختلافات.
التشكيل الإقليمي القديم/الجديد: ليس اليوم كالبارحة
مع تزايد عدد اللاجئين في شرق تشاد، برز اتجاه في التحليلات ينظر إلى الوضع الحالي من منظور سبق ان استخدم قبل 20 عاماً. فبدأ الناس يناقشون الحرب بالوكالة واحتمال نشوب نزاع مسلح داخل تشاد. لا شيء مستحيل، لكن ينبغي أولاً إجلاء أوجه سوء الفهم الخطيرة للتاريخ. فوضع اليوم لا يشبه ما حدث في مطلع القرن الحادي والعشرين، لا على الصعيد الداخلي ولا على الصعيد الإقليمي.
عندما اندلع النزاع في دارفور في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كان الوضع في تشاد والسودان مختلفاً عما هو عليه حالياً. بإيجاز، كان عمر البشير يجني ثمار التطبيع مع الولايات المتحدة ودول الخليج: كان حسن الترابي قد خرج من النظام منذ ديسمبر 1999 وسُجن في فبراير 2001؛ وفي الوقت نفسه، انطلقت المصالحة مع المملكة العربية السعودية وكذلك التعاون مع الأجهزة الأمنية الأمريكية في عام 2000. ولم يكن ذلك شهر عسل، لكنه كان بمثابة تحسن واضح. ومنحت عائدات النفط الخرطوم شعوراً بازدهار جديد بعد أكثر من عقد من الضيق. انطلقت المفاوضات مع الحركة الشعبية/الجيش الشعبي لتحرير السودان بقيادة جون قرنق في يونيو 2002 في مناخ كان نظام البشير يعتقد فيه أنه المنتصر، وهو ما يفسر لماذا كانت الأشهر الأولى من المحادثات في نيفاشا صعبة للغاية ولماذا غيّرت الخرطوم، في نهاية المطاف، مفاوضها الرئيسي.
عندما اندلع النزاع في دارفور، فُسّر في الخرطوم بوصفه محاولة من جانب الجيش الشعبي لتحرير السودان وحلفائه في دارفور للضغط من أجل تحسين شروط التفاوض في كينيا. كان رد الفعل قاسياً وسار وفق أنماط طُبقت بالفعل في حالة جنوب السودان، أي اللجوء إلى الميليشيات المحلية واستخدام الوحشية المطلقة لإجبار السكان الذين اعتبروا أعداءً محتملين على الرضوخ. ولم يكن جهاز الدولة مهتماً بمعالجة المظالم المحلية واستعادة الدعم الشعبي. وكانت قبائل الزرقة (غير العربية) هي العدو الذي يجب سحقه، وكانت الاستخبارات العسكرية التابعة للقوات المسلحة السودانية تعرف كيفية تصعيد النزاعات وعسكرتها. وكان النظام قوياً في الخرطوم وغير راغب في تقديم تنازلات تتجاوز محادثاته مع الجيش الشعبي لتحرير السودان. وقد تفاوتت حدة الحرب على مدى السنوات التالية، لكنها لم تتوقف أبدا، حتى بعد انخراط قطر في وساطة طويلة غير هادفة أسفرت عن وثيقة الدوحة لسلام في دارفور التي وُلدت ميتة. وكانت قوات حرس الحدود وقوات الدعم السريع هما وريثا ذلك التاريخ. وهما يتحملان مسؤولية عمليات القتل الجماعي؛ وغالباً ما تنسى الأطراف الخارجية المشاركة العميقة للقوات المسلحة السودانية (وحتى الفريق البرهان على المستوى الشخصي). وقد تمكنت الجماعات المتمردة في دارفور من البقاء، بشكل أساسي لأن جنوب السودان أو ليبيا تعاقدت معها كقوات وكيلة في حروبها الداخلية.
كانت تشاد تمر بلحظة مختلفة. وكان واضحاً أن الانتخابات الرئاسية قد زُوّرت بشكل واضح في عام 2001، حتى أن الرئيس إدريس ديبي إتنو أعلن أنه لن يكون مرشحاً لفترة الولاية التالية بدءاً من عام 2006 (لم يكن الدستور يسمح بذلك)، وأنه سوف يجهز للانتقال إلى نظام أكثر مدنية. ومع ذلك، أعلن إدريس ديبي أنه غير رأيه في المؤتمر الوطني لحزبه في أكتوبر 2003، بعد أشهر قليلة من بدء استغلال النفط. فقام بتغيير الدستور في عام 2004 لإلغاء تحديد عدد الفترات الرئاسية. وأدى هذا القرار إلى انقسام بين أنصاره، فحاول بعض أقرب حلفائه في مجتمعه الإطاحة به في عام 2005، وبعد فشلهم، فروا إلى دارفور لتنظيم تمرد ضده.
سُمّيت المجموعة الأولى بطريقة مثيرة للسخرية "منصة التغيير والوحدة والديمقراطية" SCUD (Socle pour le Changement, l'Unité et la Démocratie) وكان يقودها يحيى ديلو جيرو، الذي عاد إلى نجامينا في عام 2006، وعمل لعدة سنوات في حكومة ديبي قبل أن يصبح معارضاً. قُتل يحيى ديلو في 28 فبراير 2024، لأنه حاول حشد أنصاره في الأجهزة الأمنية وخلق الوضع نفسه الذي حدث في عام 2006. لكنه فشل فشلاً ذريعاً: فقد تعلمت الرئاسة الدرس. ففي عام 2006، غادرت أقسام من الحرس الرئاسي ثكناتها في نجامينا بأسلحة ثقيلة وانضمت إلى المعارضة في دارفور. واستغرق الأمر سنوات قبل أن يستعيد إدريس ديبي السيطرة الكاملة بفضل الدعم الرسمي وغير الرسمي من فرنسا وأوروبا والولايات المتحدة. وكان الإغلاق السريع لبعثة الأمم المتحدة في جمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد (MINURCAT) في ديسمبر 2010 إحدى الإشارات العديدة إلى أن إدريس ديبي قد هزم معارضيه.
كان ما حدث بين تشاد والسودان منذ عام 2003 فصاعداً أكثر من مجرد حرب بالوكالة. وكان للنزاع في دارفور جذور أعمق بين مجتمع الزغاوة. فقد قسّم النزاع الزغاوة لأنه استقطب الجماعات التشادية الأخرى المتحالفة مع إدريس ديبي إيتنو على مر السنين. وكان لبعض أقارب إدريس ديبي إتنو الأقرب صلات عائلية مع قادة المتمردين من الزغاوة السودانيين. وعلاوة على ذلك، قرر الزغاوة السودانيون، الذين ساعدوا إدريس ديبي في الاستيلاء على السلطة في ديسمبر 1990 وأصبحوا جزءاً مهماً من الجيش التشادي والأجهزة الأمنية، مساعدة أقاربهم على الجانب الآخر من الحدود رغم الحياد الذي ادعاه الرئيس التشادي. ولم يعد عمر البشير، الذي كانت تربطه علاقات ودية بإدريس ديبي، يصدقه عندما أصبح بعض إخوة وأبناء عمومة إدريس ديبي يوفرون المأوى والمال والوقود والأسلحة إلى المتمردين في دارفور. فنسّق صلاح عبد الله قوش، رئيس المخابرات السودانية النافذ آنذاك، الرد على دبي. لقد استوفيت شروط الحرب الشاملة.
استغرق الأمر محاولتين للإطاحة بإدريس ديبي في أبريل 2006 وفبراير 2008 من قبل المتمردين التشاديين المتمركزين في دارفور (بدعم من السودان) وهجوم على أم درمان في مايو 2008 من قبل حركة العدل والمساواة المتمردة (التي استفادت من الدعم التشادي والليبي) لدفع رئيسي الدولتين للعودة إلى عقد صفقة. وبحلول يناير 2010، لم تعد الجماعات المتمردة في دارفور تستفيد من نفس الدعم بينما نُزع سلاح مقاتلي المعارضة التشادية في دارفور، إلا إذا أرادوا الانضمام إلى قوات حرس الحدود بقيادة موسى هلال ومحمد حمدان دقلو (حميدتي). وقُتل خليل إبراهيم، رئيس حركة العدل والمساواة، في ديسمبر 2011 بغارة جوية للقوات المسلحة السودانية. وكانت هناك مزاعم بأن العملية نُظّمت بفضل المخابرات التشادية.
يختلف الوضع اليوم اختلافاً جذرياً. ورغم وجود انقسامات بين الزغاوة، إلا أنها لم تصل بعد إلى حدة التعبير عنها بإنشاء جماعات معارضة مسلحة – بدون أن نناقش هنا موقف أصحاب المصلحة السودانيين من مثل هذا المشروع. والمجتمعات التشادية التي دخلت النزاع في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، مثل العرب ومجموعات الودّاي الصغيرة، فعلت ذلك لأنها توقعت حصة أكبر من السلطة من خلال الانضمام إلى المعارضة الزغاوية لديبي. واليوم، ليس أمامها مثل هذا الخيار. قد تعبر هذه الجماعات الحدود، لكن هدفها شخصي أكثر منه سياسي، على الأقل في الوقت الحالي. وعلى نحو ما حلّلنا في القسم التالي، ربما لا تزال السياسة التشادية تميل نحو المواجهة، لكن أسباب المواجهة في الوقت الحالي هي أسباب داخلية. ولا تزال السياسات العابرة للحدود الوطنية تشكل بُعداً مهماً ولكنها تتفاعل في سياق مختلف. ومن المفارقات هنا أن المجموعة الوحيدة التي قد تكون اليوم على استعداد لشن تمرد هي مجموعة من الجنوب، وسوف تحتاج إلى ملاذ آمن في جمهورية أفريقيا الوسطى. لكن محمد كاكا قرر "التقارب" مع بانغي والسفر إلى روسيا للحيلولة دون حدوث هذا التمرد.
خاضت جماعات الزغاوة السودانية المتمردة، حتى أبريل 2023، مغامرات عسكرية في ليبيا وجنوب السودان، وعدّت تشاد ملاذا آمنا لها ولأسرها، لكن ليست قاعدة خلفية. ولا تزال الاتصالات قائمة، لكن لم يكن أحد من زعمائها يعتقد أن الحرب يمكن أن تبدأ مرة أخرى في دارفور بعد توقيع اتفاق جوبا للسلام. فاتجهت الأنظار نحو الخرطوم وفرص المناصب فيها. لذلك، لم يكن يُنظر إلى تشاد، حتى أبريل 2023، أو حتى بعد ذلك بأشهر، على أنها جهة فاعلة بارزة من قبل أصحاب المصلحة السياسيين في السودان.
يصر المراقبون التشاديون، مع ذلك، على أن الدعم المقدم لمتمردي الزغاوة لم يتوقف خلال السنوات الماضية، وإنما اتخذ أشكالا مختلفة، إما إنسانية أو لوجستية. وهذا الوضع مناسب للقوات المسلحة السودانية حيث أصبحت طموحات حميدتي أكثر وضوحاً. وقد أنشأت قوات الدعم السريع وحميدتي علاقات جيدة مع نجامينا لأسباب أخرى. وأصبحت قوات حرس الحدود المؤسسة الأكثر نفوذا في دمج المتمردين التشاديين والسيطرة عليهم من خلال توفير سبل جديدة لكسب العيش. كما زوّج موسى هلال، ووالدته من الزغاوة، إحدى بناته إلى إدريس ديبّي في يناير 2012. ورغم أن الزواج لم يدم، فقد فُهم بوصفه وسيلة لعقد المصالحة بين الزغاوة والرزيقات عبر الحدود. واستمر هذا الارتباط حتى بعد إنشاء قوات الدعم السريع في عام 2013 والاعتقال المهين لموسى هلال من قبل هذه القوات في عام 2017. وعد حميدتي ديبي بإبقاء المتمردين السابقين تحت السيطرة ودمج مثيري الشغب المحتملين منهم. وقد أسهمت الأموال في تسهيل الاتفاق، حيث كان يملك حميدتي أيضاً بعض الأعمال التجارية في تشاد، يقال إنها أعمال في مجال الذهب والنقل. وقد بذل قادة قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية قصارى جهدهم للحفاظ على علاقات جيدة مع محمد كاكا كل على حساب الآخر، حيث ذهب كل واحد منهم إلى نجامينا للشكوى من الطموحات غير المبررة لمنافسه، وعلى الأرجح التحذير من العواقب الوخيمة المحتملة لهذه الطموحات على تشاد. ولم تؤثر هذه الرحلات على القيادة التشادية، إذ كان لها فهمها الخاص للسياسة السودانية ولم ترغب في التورط كثيراً. وربما يخمن المرء أن ما كان على المحك كان يتعلق بالموقف الفرنسي إزاء الفاعلين السودانيين. بطبيعة الحال، يتعين على المرء أن ينظر في هذه المسألة في وقت تشهد فيه دارفور تطورات عسكرية كبيرة.
لعل المرء يضيف حجة سوسيولوجية إلى هذا السرد التاريخي القصير. حارب الزغاوة السودانيون إلى جانب إدريس ديبي بعد أن فشل انقلابه في عام 1989 وهرب إلى دارفور ليبدأ تمرداً جديداً تدعمه ليبيا. والعديدون منهم اليوم مسؤولون رفيعو المستوى أو متوسطو الرتب في الجيش والأجهزة الأمنية. وباستخدام مقارنة ابن خلدون، فهم اليوم مستقرون ومتحضرون وبرجوازيون. ورغم أنه لا تزال لديهم علاقات عائلية مع أقاربهم على الجانب الآخر من الحدود، إلا أنهم يعرفون ما راكموه على مر السنين، وربما يعزفون عن تعريض جميع أصولهم للخطر بانضمامهم إلى حرب جديدة في السودان. والزغاوة التشاديون (يسمون البديات أو البري) مهتمون في المقام الأول بحماية امتيازاتهم في تشاد، وفي غياب تناقضات داخلية كبيرة، فسيحاولون على الأرجح عدم التورط كثيراً في السياسة في دارفور، خاصة إذا كان هناك احتمال أن تثير هذه المشاركة نزاعاً داخل تشاد. وهذا اعتبار، على الأقل، يسمعه الناس كثيراً في نجامينا بين الأشخاص المقربين من الرئاسة.
السياسة التشادية والأزمة السودانية
تغيرت السياسة التشادية بشكل كبير بعد وفاة إدريس ديبي إيتنو في أبريل 2021، حيث تولى أحد أبنائه محمد "كاكا" (الاسم يعني أنه تربى على يد جدته)، بعد أن امتنع رئيس البرلمان لأسباب صحية مفاجئة رغم أحقيته دستورياً. ووصف المعارضون هذه الخطوة بأنها انقلاب. وكان محمد كاكا على رأس المديرية العامة لخدمات أمن مؤسسات الدولة (الحرس الرئاسي سابقاً) قبل وفاة والده.
قد لا يكون مفيداً هنا الخوض في كل دقائق النظام الانتقالي، لكن ينبغي الإشارة إلى بعض النقاط بغية تسليط الضوء على التغيرات المهمة. كان على السلطات الانتقالية أن تتعامل مع الشروط الدولية حيث اتخذت بعض الخطوات الحاسمة. وانفتح الرئيس الجديد على المعارضة القديمة، وكان رئيسا الوزراء بعد أبريل 2021 قد عارضا حكم إدريس ديبي لأمد طويل. واستدعي المنشقون خارج البلد للعودة إلى الوطن وعرضت عليهم مناصب رسمية. وأُجرى حوار مع جماعات المعارضة المسلحة في الدوحة بفضل الضيافة والتمويل القطريين. وجرى حوار آخر في عام 2022 في نجامينا، يذكرنا بالمؤتمر الوطني الذي عقد في عام 1993. كانت تلك لحظات غموض، لكن السكان قدروا أن مظالمهم نوقشت، لمرة، علناً، وإن لم تحل.
أُجريت تغييرات جوهرية، في الوقت نفسه، داخل الأجهزة الأمنية، رغم أن هذه التغييرات أثرت بالكاد على الطبيعة المجتمعية للسلطة وزبائن النظام. وفي نهاية المطاف، أُحيل كبار الضباط إلى التقاعد، ونُقل آخرون إلى مناصب أقل نفوذاً، في حين رُقّي الضباط الأصغر سناً أو رتبةً. وكانت نتيجة كل ألعاب الكراسي الموسيقية هذه، أن شيئاً لم يتغير، سوى أن المسؤولين أصبحوا أقرب إلى محمد كاكا مما كانوا عليه من قرب من والده. وتؤثر هذه التغييرات على دور مختلف فروع الجيش والتوازن العددي بين المجموعات الأساسية التي كانت تمثل ركائز حكم إدريس ديبي.
على سبيل المثال، أصبح الحرس الوطني المتنقل Garde national nomade في الوقت الحاضر تحت سيطرة القرعان، وتشمل واجباتهم أمن العاصمة. ولا تزال المديرية العامة لأمن خدمات الدولة ومؤسساتها DGSSIE هي الوحدة الأقوى، لكن فرقها الميدانية تتلقى معاملات واختصاصات مختلفة. ويعد الجيش الوطني التشادي (ANT) أهم جسم مسلح من الناحية العددية، لكن المراقبين يشككون في معداته وأدائه. ومن الناحية الديموغرافية، هناك ثلاث مجموعات هي الأكثر أهمية: الزغاوة، والقرعان، والعرب.
بينما تتولى شخصيتان عربيتان قيادة وزارتين بالغتي الأهمية، كثيراً ما يزعم المثقفون العرب أن هذين المسؤولين القياديين لا يتمتعان بنفوذ كبير، لكونهما تكنوقراطيين أكثر من كونهما سياسيين، وبالتالي فإنهما منفصلين عن الجماهير العربية. ويقول هؤلاء المراقبون أيضاً إن الضباط العرب ليسوا ممثلين بشكل جيد على مستوى صنع القرار في الأجهزة الأمنية. والنقطة التي نادراً ما تُذكر هي أنه من الناحية السياسية، لا يوجد مجتمع عربي واحد، بل مجتمعات عربية. وتستغل المجموعات الأخرى غياب الإجماع السياسي هذا. وقد ذُكرت هذه التظلمات لفترة طويلة في السياسة التشادية وهي تعتمد على الديموغرافيا أكثر من السياسة. وبقدر ما لأرقام التعداد السكاني من دلالة فربما يمثل العرب أكثر من 23% من السكان والقرعان أكثر من 6%، والزغاوة ربما 3 إلى 5%.
القرعان هم أصهار الرئيس محمد كاكا وقد استفادوا من فترة حكمه. وهناك طريقتان للنظر إلى هذا الوضع الجديد. الأولى هي تقييم التغييرات في المناصب والتعيينات والاختصاصات. وهنا تتم محاولة إيجاد توازن جديد قد يعزز التحالف داخل النظام إذا لم يشعر الضباط الزغاوة بالغيرة الشديدة. ووجهة النظر الأخرى هي النظر بعمق في التاريخ الشخصي لبعض الشخصيات القيادية واعتبار أن هذا التغيير، كما يؤكد المراقبون في نجامينا، يمثل إضعافاً للزغاوة أكثر من كونه تعزيز لنفوذ القرعان. وهذا هو إدراك العديد من الزغاوة في العاصمة، وهي محل استياء كثيرا ما يُذكر في المناقشات.
الزغاوة مجتمع كبير بحيث لا يكون الشعور بالتضامن القبلي تلقائياً. لذلك، يجب أن يكون المرء حذراً لأن القضايا العشائرية أو الشخصية قد توحد أو تقسم أفراد هذا المجتمع، في حين لا يحدث الأمر نفسه بنفس الطريقة في المجموعات الإثنية الأخرى. ولفهم التزام الزغاوة بشكل أفضل، ينبغي للمرء أن يميّز بين الزغاوة السودانيين والزغاوة التشاديين (البديات) والجماعات المرتبطة بهم (كوبي وآخرين). وينبغي أيضاً أن ينظر المرء إلى الجدل الدائر داخل عائلة إيتنو بشأن خلافة إدريس دبي.
باختصار، يعتبر جميع الزغاوة السودانيين تشاد ملاذهم الآمن ويمكنهم أن يتحدوا لحمايتها. ولزغاوة تشاد تاريخ طويل من الانقسامات والمصالحات والخصومات. ومشكلتهم هي ما إذا كان بإمكانهم تمديد حكمهم رغم وضعهم الديموغرافي أو الانفتاح على تغييرات أكثر جوهرية في ظل شروط لا تجلب لهم أية أعمال انتقامية. ولا ينبغي للمرء أن يقلل من أهمية تنوع وجهات النظر والخوف الذي يخلقه وضعهم كأقلية. وكما هو الحال دائماً، فعائلة إتينو تواجه المزيد من المشكلات الساخنة التي يجب عليها معالجتها. واثنتان من هذه المشكلات لهما أهميتهما في الوضع الحالي لأن صداها يتردد داخل مجتمعات الزغاوة الأكبر. أحدهما تتعلق بالمسؤولية عن وفاة إدريس ديبي. إذ تتواتر العديد من الروايات في نجامينا وتدين جهات فاعلة مختلفة. وغالباً ما تستخدم هذه المسألة بغرض إضعاف محمد كاكا لأنه كان أيضاً في كانم مع والده، يقاتل متمردي جبهة التناوب والوفاق في تشاد FACT. وهناك جدل آخر يدور حول ما إذا كان الرئيس الحالي هو المرشح الوحيد والأفضل لقيادة البلد في الانتخابات المقبلة. وهناك تطلعات كثيرة بين الإخوة وأبناء العمومة، وهناك قائمة طويلة من المظالم والادعاءات التي يمكن لأي مراقب أن يسمعها منهم.
أحد الآثار الحاسمة لهذا الوصف العمومي هو أن الرئاسة تحتاج إلى الكثير من المال لتخفيف التوترات، أو إقناع الناس بالتنحي بدون مضايقات كبيرة، أو حشد المنشقين المحتملين. علاوة على ذلك، يتوق القادمون الجدد على كافة المستويات إلى الاستفادة من مناصبهم الجديدة، وللمرء أن يحدس أن الفساد ليس مجرد حقيقة مخاتلة.
الصورة في المجتمع مختلفة جذرياً. من المؤكد أن الجنوبيين، الذين يشكلون أغلبية السكان تقريباً، هم أكثر الناس شعوراً بالإحباط وخيبة الأمل. فقد اعتقدوا أن نهاية ديبي ستعني نهاية نظام الزغاوة، لكنهم لم يتوقعوا أن يقوم النظام بإصلاح نفسه حتى يستمر. وهذا الرأي، مرة أخرى، لا يحظى بالإجماع. وقد عمل بعض السياسيين من جنوب تشاد مع إدريس ديبي، وانضم آخرون، مثل أول رئيس وزراء في الفترة الانتقالية، إلى النظام بعد وفاة ديبي. وفشلت محاولات إنشاء جماعات مسلحة تتخذ من جمهورية أفريقيا الوسطى مقراً لها، إذ سُمح للقوات التشادية بالتوغل في عمق جمهورية أفريقيا الوسطى وتدمير معسكراتها. وعلاوة على ذلك، بدا أن هؤلاء المتمردين كثيرو العدد لكن تسليحهم كان ضعيفاً ولا يملكون كوادر سياسية. وقد صرح رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى عدة مرات أن بلده لن تستضيف متمردين ضد نجامينا لأنه يعلم أن تشاد يمكن أن تفعل المثل مع احتمال كبير لتغيير نظام بانغي.
دعنا نركز على شرق تشاد، حيث كانت خيبة الأمل أقل أهمية، رغم شعور الناس بأن فرصتهم في الحصول على قدر أكبر من الوصول إلى الدولة (ومواردها) سوف تظل في نهاية المطاف على حالها، أي في أدنى مستوياتها. ويعتمد سلوكهم على ثلاثة معايير مختلفة قد تفسر الاختلاف في موقفهم السياسي والاجتماعي.
أولاً، رغم بعض الالتزامات الرسمية في بداية الفترة الانتقالية، لم ينم تواجد الدولة في المناطق التي يسكنها العرب وشعب ودّاي بشكل مقنع، وهو ما انعكس أيضاً في نقص المرافق عندما عبر اللاجئون السودانيون الحدود إلى أدري وحاولوا الاستقرار في أماكن أكثر ترحاباً. وتبدو الدولة التشادية غير مهتمة رغم وعود فرنسا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بتمويل المشاريع. وليس هناك الكثير سوى وجود الأجهزة الأمنية والعسكرية والمرافق التي أنشأها المانحون استجابة للتدفقات الهائلة للاجئين منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وحتى الآن.
ثانياً، هناك مشكلة في التمثيل السياسي لشرق تشاد. إذ غادر بعض قادتهم المحتملين، مثل وزير الدولة السابق أبّكر منّاني أو السفير أحمد حسب الله صبيان، الساحة السياسية (لأسباب مختلفة للغاية)، ولا يبدو أن أحداً مستعداً أو قادراً على الحلول محلهما. ويحظى آخرون، مثل وزير الخارجية الحالي، بالاحترام لكنهم يعتبرون حكماء في مجلس الوزراء أكثر من كونهم قادة مجتمع. وقد يؤدي هذا التمثيل السياسي الضعيف إلى تأثيرات متناقضة: عدم التسييس، أو التطرف، أو خيارات الخروج من النظام.
ثالثاً، يراقب العرب التشاديون غير الراضين عن وضعهم في بلدهم السودان وحميدتي. ففي عالم الحرمان الباهت، يبدو مسار حميدتي وكأنه معجزة: راعي الإبل الذي أصبح اليوم مليارديراً! ولا يُنظر إلى حميدتي في المقام الأول بوصفه أمير حرب، بل رجل أعمال ناجح، ورجل عصامي ساعد مجتمعه باستمرار وقدم له الوظائف والخدمات والمستقبل. ولا يبدو النزاع في دارفور، منظوراً له من تشاد، على نحو ما يشرحه السودانيون في الشتات للغربيين. فالعرب في دارفور يقاتلون من أجل شرفهم ضد المساليت الذين أعدموا بعض قادتهم. ولا تذكر هذه السردية الدولة السودانية وإدارة الأراضي والمعاناة الطويلة للجميع. إنه وصف لنزاع يتطلب نصراً.
انضم الماهرية والرزيقات وعرب آخرون إلى المعركة بشكل فردي، ثم بالعشرات، وبحلول نهاية عام 2023، بالمئات. وكانت قوات الدعم السريع تتجه نحو الفوز، كما كان النهب مكافأة عظيمة. ولكي نكون أكثر وضوحاً، لم تكن قوات الدعم السريع تقوم بتجنيدهم؛ فقد ذهبوا إلى قوات الدعم السريع وطلبوا استيعابهم. وتورطهم في السودان، وفي دارفور، وما وراءهما هو سر معلن في نجامينا، والنظام ليس مهتماً إلى حد كبير بإيقافهم. وأحد الأسباب الوجيهة لذلك هو أن معظم المراقبين في تشاد يعتقدون أن أولئك الذين يغادرون للقتال مع حميدتي سيبقون معه ويستقرون في السودان، حيث من المرجح أن يبدو مستقبلهم أكثر إشراقاً مما هو عليه في تشاد.
هناك نقطتان لا بد أن تؤخذا في الاعتبار. أولاً، عندما نستخدم مصطلح عرب في هذا النص، فإنه يشير إلى عدة قبائل عربية وأيضاً إلى مجموعات الوداي التي تتقاسم نفس الأرض وسبل العيش مثل هذه القبائل العربية، فالدادجو، الكيبت، والتاما يشتركون في نفس الهوية الإقليمية ونفس المشاعر المتناقضة تجاه الدولة التشادية. ثانياً، في حين أن معظم أولئك الذين ينضمون إلى قوات الدعم السريع ليست لديهم أجندة سياسية، فإن القليل منهم لديه أجندة سياسية ويعتقدون أنه بمجرد أن يفوز حميدتي في السودان، فسيساعدهم على تغيير النظام في تشاد. أو على الأقل لن يعارض وجود الجماعات المسلحة التشادية في دارفور. ويبدو هذا الافتراض وكأنه تفكير رغبوي. إذا فاز حميدتي، فسوف يحتاج إلى المزيد من المجندين لتعزيز سلطته. وإذا خسر، فقد يبقى الناس بأعداد كبيرة في دارفور، حيث ستكون السلطة الجديدة في الخرطوم مشغولة بمحاولة إعادة بناء عاصمتها واقتصادها.
تصور الدعاية الإسلامية والقوات المسلحة السودانية قواتَ الدعم السريع على أنها جيش من الغزاة من عرب الشتات في منطقة الساحل، يسعون إلى الاستقرار في الأراضي التي طردوا منها السكان الأصليين، كما حدث في غرب دارفور. وتصرح الجماعات المتمردة في دارفور علناً أن 30% من قوات الدعم السريع تنحدر من تشاد. بل يشير البعض إلى النيجر. وادعاء القوات المسلحة السودانية هذا، في جوهره، قد لا يكون بلا أساس. ومع ذلك، ينبغي للمرء أن يكون حذراً بشأن سببين على الأقل. الأول هو أن قوات حرس الحدود/قوات الدعم السريع قامت بدمج العديد من التشاديين من الجماعات المسلحة المتمردة بموافقة القوات المسلحة السودانية وعمر البشير وإدريس ديبي. وكان دمجهم في أجسام شبه عسكرية يعني أنه سيتم الاعتراف بهم كسودانيين. وعلاوة على ذلك، فإن الغالبية العظمى من المنضمين إلى قوات الدعم السريع هم من المنطقة الحدودية، وقد لا يكون من السهل تحديد جنسيتهم القانونية: فقد يستوفون شروط أن يكونوا تشاديين أو سودانيين.
يحاول هذا الوصف تقديم الحجج المحلية، سواء كانت صحيحة سياسياً أم لا. ومع ذلك، ينبغي للمرء أن يكون حذراً بما يكفي للاعتراف بأن الديناميكيات الخارجية لعبت دوراً سلبياً للغاية في تعزيز النزعات نحو مواقف أكثر عدائية من قبل جميع الأطراف، كما هو موضح أدناه.
دول الخليج والرهانات الإقليمية لحرب السودان منظوراً لها من تشاد
في منطقة منقسمة للغاية، تتقاسم جميع الأنظمة أولوية واحدة، وهي أن الديمقراطية غير مقبولة. فمصر وإريتريا وإثيوبيا وجنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى وليبيا ودول الخليج الأخرى ترى أن الديمقراطية السودانية ستشكل عاجلاً أم آجلاً تهديداً لأمنها القومي لأن أنظمتها تتعامل مع معارضات من شأنها أن ترسخ أقدامها بمجرد وجود ديمقراطية في المنطقة، أو لأن نموذج قيادتها يقوم على الرجل القوي الذي لا يهتم بالقيود الدستورية.
تشاد ليست استثناءً في عدم الثقة في الديمقراطية، ولم يكن لديها مشكلة في تأييد النظام الجديد بعد أغسطس 2019 أو أكتوبر 2021. فالنظام العسكري كجار لها مريح لشرعية نظامها البريتوري. وقد حضر الجنرال البرهان جنازة إدريس ديبي، بعد وقت قصير من زيارة حميدتي إلى نجامينا لتقديم تعازيه. وكلاهما ذهب إلى هناك اعترافاً بدور إدريس ديبي في إقناع الجماعات المتمردة في دارفوًر بالدخول في المفاوضات التي انتهت باتفاق جوبا للسلام.
سرعان ما أصبح السؤال هو كيفية موازنة العلاقات بين الزعيمين السودانيين، حيث تلقى الرئيس الجديد لتشاد نصائح متناقضة من حلفائه. كان المشير عبد الفتاح السيسي داعماً ملتزماً لشبيهه البرهان ولم يكن يولي حميدتي اعتباراً كبيراً. فقد تزامل هو والبرهان في نفس الدورة التدريبية لقادة الأركان في سنوات شبابهما ونشأت بينهما صداقة. والأهم من ذلك، أن للشركات العسكرية المصرية مصالح مع الشركات العسكرية السودانية، والعكس صحيح. وكلاهما يشتركان في عدم الثقة بالمدنيين. لقد رأيا نفسيهما طبقة اجتماعية، لم يكن حميدتي، راعي الإبل/رجل الميليشيات، موضع ترحيب فيها. وتزايدت أهمية مصر في السياسة التشادية عندما أطلقت مصر سراح معارض كبير هو توم إرديمي، للمشاركة في حوار الدوحة (أبريل - أغسطس 2022). وكان شقيق توم، تيمان إرديمي، هو العقل المدبر للتمرد ضد إدريس ديبي بعد عام 2006، في المنفى في الدوحة من عام 2010 حتى عام 2022. وقد ساندت القاهرة البرهان عدة مرات وبشكل أكثر حزماً بعد اندلاع الحرب في الخرطوم في عام 15 أبريل.
مع ذلك، كان حميدتي أكثر ذكاءً مما كان متوقعا. لقد كان موضع ترحيب في النيجر، وكان الرئيس بازوم يحشد الدعم له في نجامينا. وعلاوة على ذلك، كان حميدتي دارفورياً ورجل أعمال ثري للغاية. ولم تغب هذه التفاصيل أبداً عن نجامينا، حيث كانت الحاجة إلى الأموال الجديدة دائماً جزءاً من الحمض النووي للنظام منذ ديسمبر 1990. كما كان حميدتي حليفاً استراتيجياً في حفظ السلام على الحدود حيث منعت قواته أي جماعة متمردة من الحصول على ملاذ آمن هناك. جعلت هذه القدرة حميدتي فاعلاً مهماً في استقرار النظام حتى اليوم.
ومن أمثلة هذه الخصيصة موقف عثمان، شقيق يحيى ديلو، بعد مقتل شقيقه في نجامينا في 28 فبراير 2024. فقد غادر عثمان تشاد ليقاتل إلى جانب ميناوي. وعندما سمع نبأ وفاة شقيقه، أدلى ببيان تهديدي ضد النظام في نجامينا، داعياً إلى تحقيق العدالة ومعاقبة قتلة أخيه. وبعد 48 ساعة تغيرت نبرته، ودعا للصلاة على أخيه. والعديد من المحللين التشاديين مقتنعون بأن (الكثير) من المال قد انتقل أو سينتقل من يد إلى يد، وأن حميدتي لعب أو سيلعب دوره لأنه في حاجة إلى محمد كاكا ولن يتحمل تمرد زغاوي في دارفور بسبب علاقاته مع نجامينا والدول الغربية المتحالفة مع محمد كاكا.
ويفسر هذا الوصف سبب إصرار تشاد على زعم حيادها في بداية الحرب بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية. كان عليها أن تخسر على كلا الجانبين، وكان يُعتقد أن وقفاً لإطلاق النار سيوقّع في الأسابيع القليلة التالية. وفي تلك الفترة، ومن أجل تحقيق توازن مصالحها على كلا الجانبين، تمنى المسؤولون التشاديون، بشكل غير رسمي، ألا يكون هناك فائز ولا خاسر: وكان لهذا الموقف ميزة عدم استعداء القاهرة وحميدتي والحفاظ على موقف متوازن بين أصحاب المصلحة الرئيسيين في السودان. وكانت تشاد مخطئة مثل العديد من المحللين (ومن بينهم كاتب المقال): فالحرب لم تتوقف بل اشتدت ووصلت إلى مواقع جديدة، بما في ذلك دارفور وكردفان وولاية الجزيرة وسط السودان.
تغير، من ثمّ، التقييم وكان التغيير مدفوعاً بحج احتواء الأضرار ومقارنة التكلفة بالمنفعة. وبينما أصرت نجامينا في الأسابيع الأولى من الحرب على أنها لا تريد التدخل بأي ثمن، تغيرت السردية في وقت ما في أوائل الصيف، رغم أن ذلك لم يظهر على هذا النحو في الأخبار. لا ينبغي أن يخسر حميدتي الحرب لأن المتمردين التشاديين السابقين الذين دمجوا في قوات الدعم السريع سيعودون إلى تشاد بأسلحتهم ومراراتهم وطموحاتهم. ودعت الجماعات المتمردة في دارفور لمناهضة حميدتي لأنها توقعت ديناميكية القتال وأدركت أن دارفور ستصبح بؤرة ساخنة عاجلاً وليس آجلاً. وطور النظام مبرراً جديداً. لسنوات عديدة، حصلت الجماعات المتمردة في دارفور على الدعم التشادي وكان بإمكانها الاستفادة بشكل غير رسمي من العديد من المزايا. ولموازنة ذلك، كانت نجامينا على استعداد لدعم حميدتي وإبقائه أحد اللاعبين الرئيسيين الاثنين في الحرب.
كانت رحلة محمد كاكا بصحبة أقرب مستشاريه (وليس وزير خارجيته) إلى الإمارات العربية المتحدة في يونيو 2023 حاسمة في صياغة السياسة الجديدة بتعريف أكثر إرباكاً لمعنى الحياد. وعدت أبو ظبي محمد كاكا بقرض بقيمة 1.5 مليار دولار (تبلغ ميزانية تشاد السنوية 1.8 مليار دولار) ومركبات عسكرية سُلّمت في أغسطس 2023. وكان ذلك اتفاقاً مناسباً للغاية لنظام يعاني من نقص مزمن في السيولة ويحتاج إلى رشوة العديد من الضباط والسياسيين وهو يقترب من عقد انتخابات رئاسية حاسمة. وفي وقت لاحق، أثار البعض الشكوك حول آثار الاتفاق على الحوار بين الزغاوة إذا تدهور الأمن في دارفور. واستخدم بناء مستشفى في أم جرس، بالقرب من الحدود، كسبب لنقل جميع أنواع المعدات من الإمارات إلى تشاد عبر أوغندا، ونقل جزء كبير منها بعد ذلك إلى قواعد قوات الدعم السريع الرئيسية في دارفور بالشاحنات.
لفهم استراتيجية أبو ظبي، لا بد من العودة إلى السياسة الخليجية تجاه السودان، إذ يرتكز دعم الإمارات لحميدتي على عدة أسباب، أحدها التنافس مع الرياض، وتتعلق الأسباب الأخرى بالعداء تجاه النظام الإسلامي في الخرطوم وتفضيل التعامل مع رجل قوي، وهو ما لم يكن عليه الجنرال البرهان مطلقاً. وبمرور الوقت، تطورت أهمية هذه القضايا، التي يرتبط بعضها ببعض، لكنها توفر إطاراً جيداً لها فهم سلوك دولة الإمارات العربية المتحدة.
لم يكن عمر البشير موضع ثقة دول الخليج أبداً، حتى عندما اتخذ قراراً كبيراً بقطع العلاقات مع إيران في عام 2014 وشارك في حرب اليمن في عام 2015، إذ كانت الخرطوم دائماً تلعب على التنافس بين تركيا وقطر من جهة، والرياض وأبوظبي من جهة أخرى. وفي عامي 2018 و2019، اختارت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة عدم تقديم أي دعم للبشير، الذي اعتبرتاه شريكاً غير موثوق به. ومما زاد الطين بلة بالنسبة للبشير، أن الإمارات أوقفت شحنات الوقود إلى السودان في ديسمبر 2018، ولعل هذا ما أدى إلى تسريع نهاية حكمه.
حاول المانحون الخليجيون حينها تشكيل عملية الانتقال السياسي في السودان وتعزيز نفوذهم. وقد وافقت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على إرسال مساعدات بقيمة 3 مليارات دولار، بما في ذلك ودائع في البنك المركزي بقيمة 500 مليون دولار (تم الوفاء بجزء فقط من هذا التعهد). كما ساعدتا عندما تفاوضت الخرطوم على حزمة كبيرة لتخفيف عبء الديون مع نادي باريس في ربيع عام 2021. ولعب دعمهما المالي دوراً حاسماً في تعزيز قبضة الفصلين العسكريين. ويعتقد العديد من المراقبين أن الدعم الخليجي شجع الفصائل العسكرية وجعلها أقل ميلاً إلى منح تنازلات للمدنيين. وقامت الإمارات بتوجيه أجزاء من دعمها عبر حميدتي، مما سمح له بأن يصبح رئيساً للجنة العليا للطوارئ الاقتصادية.
أصدرت السعودية والإمارات بيانين مشتركين تدينان الانقلاب في أكتوبر 2021 وتدعمان وساطة الأمم المتحدة. ورفض المانحون الخليجيون، رغم تقديمهم تعهدات غامضة بالدعم، طلبات البرهان للحصول على المساعدة وتخفيف الديون ولم يضخوا مساعدات كبيرة للسودان. وفي حين تعمّقت العلاقة بين أبو ظبي وحميدتي على مدى السنوات التسع الماضية، بفضل المشاركة النشطة لقوات الدعم السريع في حرب اليمن (وهي شيء لا يمكن مقارنته بمشاركة القوات المسلحة السودانية التي أرسلت إلى هناك)، إلا أنه لا يزال من الصعب فهم الدوافع الاستراتيجية وراء الدعم الحالي لحميدتي الذي تطور اعتباراً من يونيو 2023 ووفرت له ضماناً للاستمرار أفضل بكثير من الحصول على المعدات العسكرية من جنوب ليبيا، ومن جمهورية إفريقيا الوسطى حسبما يُزعم.
خُطّطت عملية وساطة جدة بشكل سيء من قبل المبادرين بها. وأحد أسباب ذلك أنها كشفت طموح الرياض في الظهور بوصفها قوة إقليمية مهيمنة في وضع لا تملك فيه سيطرة تذكر على أصحاب المصلحة الرئيسيين. والدبلوماسية السعودية أكثر انفتاحاً ومرونة، لكنها أقل تفاعلاً بكثير من موقف الإمارات مع البرهان وحميدتي. على المدى الطويل، قد تكون الغلبة للرياض لأنها تستطيع التحدث مع الجميع، لكن سلوكها يخلق المزيد من التحديات على المدى القصير للحرب. وقد انطلقت هذه الوساطة عندما تبخرت العلاقات الدافئة بين البلدين الخليجيين سعياً إلى القيادة الاقتصادية الإقليمية. وقد شعرت الإمارات، التي تملك نفوذاً على العديد من الجهات الفاعلة، إلى ما هو أبعد من حميدتي في السودان، بالتهميش وقررت الامتناع عن تقديم المساعدة.
علاوة على ذلك، لا تريد الإمارات العربية المتحدة، أكثر من المملكة العربية السعودية، عودة نظام الإنقاذ وعموده الفقري الإسلاموي. وقد تبدو هذه العودة بمثابة هزيمة فعلية لسياسة الاحتواء التي طبّقت بعد الربيع العربي. وحميدتي يقدم ضمانة ضد هذه العودة. وهناك أيضاً نموذج سياسي استفادت منه أبو ظبي وفسرت به دعمها لأبي أحمد، أو حتى أسياس في لحظةٍ ما، أي نموذج الرجل القوي، الدكتاتور المستنير الذي يدعم التحرير الاقتصادي (وهو أمر مفيد للإمارات العربية المتحدة) والحكم السلطوي (الذي يُبعد الإسلاميين والديمقراطيين). ومن الممكن أن يلائم حميدتي هذا النموذج مرة أخرى، خاصة إذا استمر في الاستماع إلى بعض مستشاريه. وأخيراً وليس آخراً، يُعدّ حميدتي فاعلاً اقتصادياً حاسماً في الأسواق الإستراتيجية الإقليمية (الذهب وإنتاج الغذاء) وقد يفتح أبواباً جديدة للإماراتيين. وإحدى النقاط التي تتطلب المزيد من التفكير هي القلق الإقليمي لدى الإماراتيين: فهم اليوم يحتضنون زبائن في ليبيا وتشاد والسودان وإثيوبيا والصومال. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح أي مزايا يمكنهم خلقها من خلال هذه التحالفات المتعددة.
من غير المستغرب أنه لا يزال يتعين لدولة الإمارات العربية المتحدة أن تجري تقييماً للتكلفة الإنسانية لهذه السياسة. ولا يُطرح هذا المعيار إلا عندما تثير قوى خارجية قوية، مثل الولايات المتحدة الأمريكية والصين والاتحاد الأوروبي، مخاوفها وتبدأ في فرض أنظمة عقوبات ثقيلة. ومع ذلك، ورغم كل التصريحات، فالأمر لا يزال بعيداً عن ذلك.
الخاتمة
نحتاج إلى استكمال هذا التوصيف. إن الديناميكيات السياسية في تشاد في حالة سيولة، ويعبر القضاء مؤخراً على أحد المعارضين البارزين داخل الأسرة الحاكمة عن الوسائل الراديكالية المستخدمة لتنظيم السياسة والهشاشة المتأصلة في الحكم البريتوري. وموقف الإمارات بشأن السودان وتشاد ليس موقفاً ساكناً، رغم أنه لا يمكن للمرء أن يراهن على قرار يناقش بروح المماطلة. والولايات المتحدة تتخذ، على نحو مأساوي، درب التسويف وتعدد التصريحات الأخلاقية أكثر من الأفعال السياسية.
لم نذكر جهتين فاعلتين دوليتين رغم تأثيرهما المحتمل على بعض السياسات. الأولى هي روسيا من خلال فاقنر، والثانية هي فرنسا. وكلاهما ليس من السهل قراء موقفه، ويرجع ذلك أساساً إلى أن نظريات المؤامرة وُضعت بشكل متكرر بحيث يصعب التمييز بين الحقائق والخيال.
يمكن للمرء التظاهر بأن الدور الفرنسي ليس دائماً، ومنقطعاً، وفي ذلك مخاطرة أن تكون مخطئأً ومثيراً للجدل. كانت باريس فاعلاً أساسيا في اتفاق تخفيف الديون الذي تم التوصل إليه في يوليو 2021 بعد تجمع كبير في باريس عقد قبل شهرين من ذلك، لكنها صمتت تقريبا بعد الانقلاب في أكتوبر 2021. ويميل المراقبون إلى الاعتقاد بأن فرنسا تعيد إنتاج سياسة شهدناها في ليبيا بالفعل. فوزارة الخارجية تحتفظ بعلاقة جيدة أو دافئة مع القوات المسلحة السودانية/الحكومة السودانية، في حين تعمل المديرية العامة للأمن الخارجي (المخابرات الفرنسية) مع حميدتي. ومبرر ذلك هو الإسهام في استقرار تشاد والإبقاء على بعض الخيارات مفتوحة في ليبيا، حيث أقامت المديرية العامة للأمن الخارجي علاقات عمل مع الجنرال حفتر. وتكمن هشاشة هذه السياسة في أن تكلفتها قد تكون مرتفعة إذا وُضعت دارفور في الاعتبار، وإذا كانت العلاقات بين باريس ونجامينا ليست وثيقة بالمستوى الذي يتصوره الساسة وكبار الضباط العسكريين الفرنسيين.
كثيراً ما قيل في الصحافة الأمريكية أن روسيا تساند حميدتي. وعلى وجه الخصوص، وُصفت فاقنر بأنها حليف استراتيجي يوفر أنظمة أسلحة متطورة لحميدتي من جمهورية إفريقيا الوسطى وليبيا. وقد يكون هذا الدعم حقيقياً. ويعتقد الكاتب أن الأمر في أغلبه دعاية، باستثناء فترة قصيرة في ربيع عام 2023. وينبغي للمرء أن يتساءل لماذا تلعب روسيا ضد إيران في السودان. ففي نهاية المطاف، تريد روسيا قاعدة بحرية على البحر الأحمر، ولن يمنحها هذه القاعدة سوى الفائز. ولا أحد يعرف على وجه اليقين من سينتصر في هذه الحرب العبثية.